المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

23- لكن أملك تبليغاً عن الله ورسالاته التي بعثني بها ، ومن يعص الله ورسوله فأعرَضَ عن دين الله فإن له نار جهنم باقياً فيها أبداً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

{ إلا بلاغاً من الله ورسالاته } ففيه الجوار والأمن والنجاة ، قاله الحسن . قال مقاتل : ذلك الذي يجيرني من عذاب الله ، يعني التبليغ . وقال قتادة : إلا بلاغاً من الله فذلك الذي أملكه بعون الله وتوفيقه . وقيل : لا أملك لكم ضراً ولا رشداً لكن أبلغ بلاغاً من الله فإنما أنا مرسل لا أملك إلا ما ملكت ، { ومن يعص الله ورسوله } ولم يؤمن ، { فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

قل : إني لن يجيرني من الله أحدا ولن أجد من دونه ملتحدا . إلا بلاغا من الله ورسالاته . . . . .

وهذه هي القولة الرهيبة ، التي تملأ القلب بجدية هذا الأمر . . أمر الرسالة والدعوة . . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يؤمر بإعلان هذه الحقيقة الكبيرة . . إني لن يجيرني من الله أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ أو حماية ، إلا أن أبلغ هذا الأمر ، وأؤدي هذه الأمانة ، فهذا هو الملجأ الوحيد ، وهذه هي الإجارة المأمونة . إن الأمر ليس أمري ، وليس لي فيه شيء إلا التبليغ ، ولا مفر لي من هذا التبليغ . فأنا مطلوب به من الله ولن يجيرني منه أحد ، ولن أجد من دونه ملجأ يعصمني ، إلا أن أبلغ وأؤدي !

يا للرهبة ! ويا للروعة ! ويا للجد !

إنها ليست تطوعا يتقدم به صاحب دعوة . إنما هو التكليف . التكليف الصارم الجازم ، الذي لا مفر من أدائه . فالله من ورائه !

وإنها ليست اللذة الذاتية في حمل الهدى والخير للناس . إنما هو الأمر العلوي الذي لا يمكن التلفت عنه ولا التردد فيه !

وهكذا يتبين أمر الدعوة ويتحدد . . إنها تكليف وواجب . وراءه الهول ، ووراءه الجد ، ووراءه الكبير المتعال !

( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا . حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ) .

فهو التهديد الظاهر والملفوف لمن يبلغه هذا الأمر ثم يعصي . بعد التلويح بالجد الصارم في التكليف بذلك البلاغ .

وإذا كان المشركون يركنون إلى قوة وإلى عدد ، ويقيسون قوتهم إلى قوة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] والمؤمنين القلائل معه ، فسيعلمون حين يرون ما يوعدون - إما في الدنيا وإما في الآخرة - ( من أضعف ناصرا وأقل عددا ) . . وأي الفريقين هو الضعيف المخذول القليل الهزيل !

ونعود إلى مقالة الجن فنجدهم يقولون : ( وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا )فنجد التعقيب على القصة يتناسق معها . ونجد القصة تمهد للتعقيب فيجيء في أوانه وموعده المطلوب !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِلاّ بَلاَغاً مّنَ اللّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنّ لَهُ نَارَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً * حَتّىَ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلّ عَدَداً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لمشركي العرب : إني لا أملك لكم ضرّا ولا رشدا إلاّ بَلاغا مِنَ اللّهِ وَرِسالاتِهِ يقول : إلاّ أن أبلغكم من الله ما أمرني بتبليغكم إياه ، وإلا رسالاته التي أرسلني بها إليكم فأما الرشد والخذلان ، فبيد الله ، هو مالكه دون سائر خلقه يهدى من يشاء ويخذل من أراد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إلاّ بَلاغا مِنَ اللّهِ وَرِسالاتِهِ فذلك الذي أملك بلاغا من الله ورسالاته .

وقد يحتمل ذلك معنى آخر ، وهو أن تكون «إلا » حرفين ، وتكون «لا » منقطعة من «إن » فيكون معنى الكلام : قل إني لن يجيرني من الله أحد إن لم أبلغ رسالاته ويكون نصب البلاغ من إضمار فعل من الجزاء كقول القائل : إن لا قياما فقعودا ، وإن لا إعطاء فردّا جميلاً ، بمعنى : إن لا تفعل الإعطاء فردّا جميلاً .

وقوله : وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فإنّ لَهُ نارَ جَهَنّمَ يقول تعالى ذكره : ومن يعص الله فيما أمره ونهاه ، ويكذّب به ورسوله ، فجحد رسالاته ، فإن له نار جهنم يصلاها خالِدِينَ فِيها أبَدا يقول : ماكثين فيها أبدا إلى غير نهاية .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

وقوله : { إلاّ بلاغاً من الله ورسالاته } استثناء منقطع من { ضرَّاً } و { رشداً } ، وليس متصلاً لأن الضر والرشد المنفيين في قوله : { لا أملك لكم ضراً ولا رشداً } هما الضر والرشد الواقعان في النفس بالإلجاء .

ويجوز أن يكون مع ذلك استثناء من { ملتحداً } ، أي بتأويل { ملتحداً } بمعنى مخلص أو مأمن .

وهذا الاستثناء من أسلوب تأكيد الشيء بما يشبه ضده .

والبلاغ : اسم مصدر بلغ ، أي أوصل الحديث أو الكلام ، ويطلق على الكلام المبلغ من إطلاق المصدر على المفعول مثل { هذا خلق الله } [ لقمان : 11 ] .

و { مِن } ابتدائية صفة ( بلاغ ) ، أي بلاغاً كائناً من جانب الله ، أي إلاّ كلاماً أبلغه من القرآن الموحى من الله .

و { رسالاته } : جمع رسالة ، وهي ما يرسل من كلام أو كتاب فالرسالات بلاغ خاص بألفاظ مخصوصة ، فالمراد منها هنا تبليغ القرآن .

لما كان قوله : { قال إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً } [ الجن : 20 ] إلى هنا كلاماً متضمناً أنهم أشركوا وعاندوا الرسول صلى الله عليه وسلم حينَ دعاهم إلى التوحيد واقترحوا عليه ما توهموه تعجيزاً له من ضروب الاقتراح ، أعقب ذلك بتهديدهم ووعيدهم بأنهم إن داموا على عصيان الله ورسوله سيلقون نار جهنم لأن كل من يعصي الله ورسوله كانت له نار جهنم .

و { مَن } شرطية وجواب الشرط قوله : { فإن له نار جهنم .