وقوله : { إلا بلاغاً } فيه أوجه أحدها : أنه استثناء منقطع أي لكن إن بلغت عن الله رحمني لأنّ البلاغ عن الله لا يكون داخلاً تحت قوله { ولن أجد من دونه ملتحداً } لأنه لا يكون من دون الله بل يكون من الله تعالى وبإعانته وتوفيقه .
الثاني : أنه متصل وتأويله أنّ الاستجارة مستعارة من البلاغ إذ هو سببها وسبب رحمته تعالى والمعنى : لن أجد شيئاً أميل إليه واعتصم به إلا أن أبلغ وأطيع فيجيرني ، وإذا كان متصلاً جاز نصبه من وجهين :
أرجحهما أن يكون بدلاً من { ملتحداً } ؛ لأنّ الكلام غير موجب وهو اختيار الزجاج .
الثاني : أنه منصوب على الاستثناء .
لثالث : أنه مستثنى من قوله لا أملك ، فإنّ التبليغ إرشاد وانتفاع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة .
وقوله : { من الله } أي : الذي أحاط بكلّ شيء قدرة وعلماً فيه وجهان أحدهما : أنّ من بمعنى عن لأن بلغ يتعدّى بها ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «ألا بلغوا عني » . والثاني : أنه متعلق بمحذوف على أنه صفة لبلاغاً . قال الزمخشري : من ليست بصلة للتبليغ ، وإنما هي بمنزلة من في قوله تعالى : { براءة من الله } [ التوبة : 1 ] بمعنى بلاغاً كائناً من الله . وقوله { ورسالاته } فيه وجهان : أحدهما أنه منصوب نسقاً على بلاغاً كأنه قيل لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالات ولم يقل الزمخشري غيره . والثاني أنه مجرور نسقاً على الجلالة ، أي : إلا بلاغاً عن الله تعالى وعن رسالاته ، كذا قدره أبو حيان وجعله هو الظاهر . ويجوز فيه جعل من بمعنى عن ، والتجوّز في الحروف مذهب كوفي ومع ذلك فغير منقاس عندهم .
{ ومن يعص الله } أي : الذي له العظمة كلها { ورسوله } الذي ختم به النبوّة والرسالة ، فجعل رسالته محيطة بجميع الملل في التوحيد وغيره على سبيل الحجر { فإن له } أي : خاصة { نار جهنم } أي : التي تلقاه بالعبوسة والغيظ ، وقوله تعالى : { خالدين فيها أبداً } حال مقدّرة من الهاء في له . والمعنى : مقدّر خلودهم والعامل الاستقرار الذي تعلق به هذا الجار وحمل على معنى من فعل ذلك ، فوحد أوّلاً للفظ وجمع للمعنى . وأكد بقوله تعالى : { فيها } ردًّا على من يدعي الانقطاع . قال البقاعي : وأمّا من يدعي أنها لا تحرق وأنّ عذابها عذوبة فليس أحد أجنّ منه إلا من تابعه على ضلاله وغيه ومحاله ، وليس لهم دواء إلا السيف في الدنيا والعذاب في الآخرة بما سموه عذوبة وهم صائرون إليه وموقوفون عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.