الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

وقيل : { إِلاَّ } هي «أن لا » ومعناه : أن لا أبلغ بلاغاً كقولك : إن لا قياماً فقعوداً { ورسالاته } عطف على بلاغاً ، كأنه قيل : لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالات . والمعنى : إلا أن أبلغ عن الله فأقول : قال الله كذا ، ناسباً لقوله إليه ، وأن أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان .

فإن قلت : ألا يقال : بلغ عنه ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " بلغوا عني بلغوا عني " ؟ قلت : من ليست بصلة للتبليغ ، إنما هي بمنزلة من في قوله : { بَرَاءةٌ مّنَ الله } [ التوبة : 1 ] بمعنى بلاغا كائناً من الله . وقرىء «فأن له نار جهنم » على : فجزاؤه أنّ له نار جهنم كقوله : { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } [ الأنفال : 41 ] أي : فحكمه أنّ لله خمسه . وقال : { خالدين } حملا على معنى الجمع في من .

فإن قلت : بم تعلق «حتى » ، وجعل ما بعده غاية له ؟ قلت : بقوله : { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } [ الجن : 19 ] على أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ، ويستضعفون أنصاره ويستقلون عددهم .