إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

وقولُه تعالى : { إِلاَّ بَلاَغاً منَ الله } استثناءٌ من قولِه لا أملكُ ، فإنَّ التبليغَ إرشادٌ ونفعٌ وما بينهما اعتراضٌ مؤكدٌ لنفي الاستطاعة أو منْ مُلتحداً أي لنْ أجدَ من دونه منجاً إلا أنْ أُبلغَ عنه ما أَرسلنِي به ، وقيلَ : إلاَّ مركبةٌ من إنِ الشرطيةِ ولا النافيةِ ومعناهُ أنْ لاَ أبلغَ بلاغاً من الله والجوابُ محذوفٌ لدلالة ما قبلَهُ عليهِ { ورسالاته } عطفٌ على بلاغاً ومن الله صفتُه لا صلتُه أي لا أملكُ لكُم إلا تبليغاً كائناً منهُ تعالى ورسالاتِه التي أرسلني بها { وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ } في الأمرِ بالتوحيد إذ الكلامُ فيه { فَإنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } وقُرِئ بفتح الهمزة على معنى فحقُّه أو فجزاؤه أنَّ له نارَ جهنَم { خالدين فِيهَا } في النار أو في جهنمَ والجمعُ باعتبار المَعْنى { أَبَدًا } بلا نهايةٍ .