غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا} (23)

1

والمقصود أني لا أملك شيئاً إلا البلاغ الكائن من الله ورسالاته ، فالجار صفة لا صلة لأن التبليغ إنما يعدى ب " عن " قال صلى الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية " قال الزجاج : انتصب { بلاغاً } على البدل أي لن أجد من دونه منجى إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به . قلت : على هذا جاز أن يكون استثناء منقطعاً . وقيل : أن لا أبلغ بلاغاً لم أجد ملتحداً كقولك " أن لا قياماً فقعوداً " . استدل جمهور المعتزلة بقوله { ومن يعص الله } الآية . على أن الفساق نم أهل القبلة مخلدون في النار ، ولا يمكن حمل الخلود على المكث الطويل لاقترانه بقوله { أبداً } وأجيب بأن الحديث في التبليغ عن الله فلم لا يجوز أن تكون هذه القرينة مخصصة ؟ أي ومن يعص الله في تبليغ رسالته وأداء وحيه ، ومما يقوي هذه القرينة أن سائر عمومات الوعيد لم يقرن بها لفظ { أبداً } فلا بد لتخصيص المقام بها من فائدة وما هي إلا أن التقصير في التبليغ أعظم الذنوب . وقد يجاب أيضاً بأن قوله { ومن يعص الله } لا يحتمل أن يجري على عمومه كأن يراد ومن يعص الله بجميع أنواع المعاصي . فمن المحال أن يقول شخص واحد بالتجسيم وبالتعطيل ، وإذا صار هذا العام مخصصاً بدليل العقل فلم لا يجوز أن يتطرق إليه تخصيص آخر كأن يقال : ومن يعص اله بالكفر . وحينئذ لا يبقى للخصم شبهة بل نقول : لا حاجة إلى التزام تخصيص آخر ، فإن الآتي بالكفر آت بجميع المعاصي الممكنة الجمع .

/خ28