المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (93)

93- وقل - أيها الرسول - : الحمد لله على نعمة النبوة والهداية ، سيكشف الله لكم في الدنيا عن آثار قدرته ، وفي الآخرة عن صدق ما أخبركم به فتعرفونها معرفة حق ، وليس الله بعاجز عن حسابكم ولا بغافل عن أعمالكم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (93)

قوله تعالى : { وقل الحمد لله } على نعمه ، { سيريكم آياته } يعني : يوم بدر ، من القتل والسبي وضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم ، نظيره قوله عز وجل : { سأريكم آياتي فلا تستعجلون } وقال مجاهد : سيريكم آياته في السماء والأرض وفي أنفسكم ، كما قال : { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم } { فتعرفونها } يعني : الآيات والدلالات ، { وما ربك بغافل عما تعملون } وعيد لهم بالجزاء على أعمالهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (93)

{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ } الذي له الحمد في الأولى والآخرة ومن جميع الخلق ، خصوصا أهل الاختصاص والصفوة من عباده ، فإن الذي ينبغي أن يقع منهم من الحمد والثناء على ربهم أعظم مما يقع من غيرهم لرفعة درجاتهم وكمال قربهم منه وكثرة خيراته عليهم .

{ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا } معرفة تدلكم على الحق والباطل ، فلا بد أن يريكم من آياته ما تستنيرون به في الظلمات . { لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ }

{ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } بل قد علم ما أنتم عليه من الأعمال والأحوال وعلم مقدار جزاء تلك الأعمال وسيحكم بينكم حكما تحمدونه عليه ولا يكون لكم حجة بوجه من الوجوه عليه .

تم تفسير سورة النمل بفضل الله وإعانته وتيسيره .

ونسأله تعالى أن لا تزال ألطافه ومعونته مستمرة علينا وواصلة منه إلينا ، فهو أكرم الأكرمين وخير الراحمين وموصل المنقطعين ومجيب السائلين .

ميسر الأمور العسيرة وفاتح أبواب بركاته والمجزل في جميع الأوقات هباته ، ميسر القرآن للمتذكرين ومسهل طرقه وأبوابه للمقبلين وممد مائدة خيراته ومبراته للمتفكرين والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .

على يد جامعه وممليه عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين ، وذلك في 22 رمضان سنة 1343 .

المجلد السادس من تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، من منن الله على الفقير إلى المعيد المبدي : عبده وابن عبده وابن أمته : عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي غفر الله له آمين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (93)

{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا } ، أي : لله الحمد الذي لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه ، والإعذار إليه ؛ ولهذا قال : { سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا } كما قال تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } [ فصلت : 53 ] .

وقوله : { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } أي : بل هو شهيد على كل شيء .

قال ابن أبي حاتم : ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر : حدثنا أبو أمية بن يعلى الثقفي ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد ، سمعت أبا هريرة يقول : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، لا يَغْترَّنَّ أحدكم بالله ؛ فإن الله لو كان غافلا شيئًا لأغفل البعوضة والخردلة والذرة " {[22213]} .

[ قال أيضا ]{[22214]} : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا نصر بن علي ، قال أبي : أخبرني خالد بن قيس ، عن مطر ، عن عمر بن عبد العزيز قال : فلو كان الله مغفلا شيئًا لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدمي ابن آدم .

وقد ذكر عن الإمام أحمد ، رحمه الله ، أنه كان ينشد هذين البيتين ، إما له أو لغيره :

إذَا مَا خَلَوتَ الدهْرَ يَومًا فَلا تَقُل *** خَلَوتُ وَلكن قُل عَليّ رَقيب

وَلا تَحْسَبَن الله يَغْفُل ساعةً *** وَلا أن مَا يَخْفى عَلَيْه يَغيب


[22213]:- ورواه الديملي في مسند الفردوس برقم (8167) من طريق أبي أمية بن يعلى به.
[22214]:- زيادة من ف ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (93)

{ وقل الحمد لله } على نعمة النبوة أو على ما علمني ووفقني للعمل به . { سيريكم آياته } القاهرة في الدنيا كوقعة بدر وخروج دابة الأرض ، أو في الآخرة . { فتعرفونها } أنها آيات الله ولكن حين لا تنفعكم المعرفة . { وما ربك بغافل عما تعملون } فلا تحسبوا أن تأخير عذابكم لغفلته عن أعمالكم ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بالياء .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة طس كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق سليمان وكذب به وهودا وصالحا وإبراهيم وشعيبا ، ويخرج من قبره وهو ينادي لا اله إلا الله " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ} (93)

كان ما أُمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقوله للمعاندين مشتملاً على أن الله هداه للدين الحق من التوحيد وشرائع الإسلام وأن الله هدى به الناس بما أنزل الله عليه من القرآن المتلو ، وأنه جعله في عداد الرسل المنذرين ، فكان ذلك من أعظم النعم عليه في الدنيا وأبشرها بأعظم درجة في الآخرة من أجل ذلك أمر بأن يحمد الله بالكلمة التي حمد الله بها نفسه وهي كلمة { الحمد لله } الجامعة لمعان من المحامد تقدم بيانها في أول سورة الفاتحة . وقد تقدم الكلام على قوله { قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى } في هذه السورة ( 59 ) .

ثم استأنف بالاحتراس مما يتوهمه المعاندون حين يسمعون آيات التبرؤ من معرفة الغيب ، وقصر مقام الرسالة على الدعوة إلى الحق من أن يكون في ذلك نقض للوعيد بالعذاب فختم الكلام بتحقيق أن الوعيد قريب لا محالة وأن الله لا يخلف وعده فتظهر لهم دلائل صدق الله في وعده . ولذلك عبر عن الوعيد بالآيات إشارة إلى أنهم سيحل بهم ما فيه تصديق لما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم حين يوقنون أن ما كان يقول لهم هو الحق ، فمعنى { فتعرفونها } تعرفون دلالتها على ما بلغكم الرسول من النذارة لأن المعرفة لما علقت بها بعنوان أنها آيات الله كان متعلق المعرفة هو ما في عنوان الآيات من معنى الدلالة والعلامة .

والسين تؤذن بأنها إراءة قريبة ، فالآيات حاصلة في الدنيا مثل الدخان ، وانشقاق القمر ، واستئصال صناديدهم يوم بدر ، ومعرفتهم إياها تحصل عقب حصولها ولو في وقت النزع والغرغرة . وقد قال أبو سفيان ليلة الفتح : لقد علمت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئاً . وقال تعالى { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } [ فصلت : 53 ] . فمن الآيات في أنفسهم إعمال سيوف المؤمنين الذين كانوا يستضعفونهم في أعناق سادتهم وكبرائهم يوم بدر . قال أبو جهل وروحه في الغلصمة يوم بدر « وهل أعمد من رجل قتله قومه » يعني نفسه وهو ما لم يكن يخطر له على بال .

وقوله { وما ربك بغافل عما تعملون } قرأه نافع وابن عامر وحفص وأبو جعفر ويعقوب { تعملون } بتاء الخطاب فيكون ذلك من تمام ما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يقوله للمشركين . وفيه زيادة إنذار بأن أعمالهم تستوجب ما سيرونه من الآيات . والمراد : ما يعملونه في جانب تلقي دعوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وقرآنه لأن نفي الغفلة عن الله مستعمل في التعريض بأنه منهم بالمرصاد لا يغادر لهم من عملهم شيئاً .

وقرأ الباقون { يعملون } بياء الغيبة فهو عطف على { قل } ، والمقصود تسلية الرسول عليه السلام بعدما أمر به من القول بأن الله أحصى أعمالهم وأنه مجازيهم عنها فلا ييأس من نصر الله .

وقد جاءت خاتمة جامعة بالغة أقصى جد من بلاغة حسن الختام .