{ وقل } أي إنذاراً لهم وترغيباً وترجية وترهيباً : { الحمد } أي الإحاطة بأوصاف الكمال { لله } أي الذي له العظمة كلها سواء اهتدى الكل وضل الكل ، أو انقسموا إلى مهتد وضال ، لأنه لا يخرج شيء عن مراده .
ولما كانت نتيجة ذلك القدرة على كل شيء قال : { سيريكم } أي في الدنيا والآخرة بوعد محقق لا شك في وقوعه { آياته } أي الرادة لكم عما أنتم فيه يوم يحل لي هذه البلدة الذي حرمها بما أشار إليه جعلي من المنذرين وغير ذلك ما يظهر من وقائعه ويشتهر من أيامه التي صرح أو لوح بها القرآن ، فيأتيكم تأويله فترونه عياناً ، وهو معنى { فتعرفونها } أي بتذكركم ما أتوعدكم الآن به وأصفه لكم منها ، لا تشكون في شيء من ذلك أنه على ما وصفته ولا ترتابون ، فتظهر لكم عظمة القرآن ، وإبانة آيات الكتاب الذي هو الفرقان ، وترون ذلك حق اليقين{ ولتعلمن نبأه بعد حين }[ ص : 88 ] ، { يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق }[ الأعراف : 53 ] ، { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون }[ يس : 52 ] .
ولما كان قد نفس لهم بالسين في الآجال ، وكان التقدير تسلية له صلى الله عليه وسلم : وما ربك بتاركهم على هذا الحال من العناد لأن ربك قادر على ما يريد ، عطف عليه قوله : { وما ربك } أي المحسن إليك بجميع ما أقامك فيه من هذه الأمور العظيمة والأحوال الجليلة الجسيمة { بغافل عما تعملون* } أي من مخالفة أوامره ، ومفارقة زواجره ، ويجوز أن تكون الجملة حالاً من فاعل { يرى } أي ربكم غير غافل ، ومن قرأ بالخطاب كان المعنى : عما تعمل انت وأتباعك من الطاعة . وهو من المعصية ، فيجازي كلاًّ منكم بما يستحق فيعلي أمرك ، ويشد إزرك ، ويوهن أيدهم ، ويضعف كيدهم ، بما له من الحكمة ، والعلم ونفوذ الكلمة ، فلا يظن ظان أن تركه للمعالجة بعقابهم لغفلة عن شيء من أعمالهم ، إنما ذلك لأنه حد لهم حداهم بالغوه لا محالة لأنه لا يبدل القول لديه ، فقد رجع آخرها كما ترى بإبانة الكتاب وتفخيم القرآن وتقسيم الناس فيه إلى مهتد وضال إلى أولها ، وعانق ختامها ابتداءها بحكمة منزلها ، وعلم مجملها ومفصلها ، إلى غير ذلك مما يظهر عند تدبرها وتأملها - والله الموفق للصواب ، وإليه المرجع والمآب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.