المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

59- والله هو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، وقد استولي على العرش والملكوت وعم سلطانه كل شيء ، وهو الرحمن ، وإن ابتغيت أن تعرف شيئاً من صفاته فاسأل الخبير عنه يجبك وهو الله العليم الحكيم{[160]} .


[160]:{الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، الرحمن فاسأل به خبيرا}: الستة أيام تعبير من جانب الله ـ عز وجل ـ عن الزمن، وهو تعالي أعلم بمقدار اليوم، ومن الوجهة العلمية تتطلب عملية خلق الكون المرور بمراحل وأدوار مختلفة {السماوات والأرض وما بينهما} تشير إلي سائر أجرام السماء من نجوم وشموس وكواكب وأقمار وأتربة كونية، وغازات وطاقات يتألف الكون منها {ثم استوى على العرش} ثبت أن للكون بداية من حيث الزمن، وأن نشوء الكون لازمته نظم كونية أو إلهية منظمة له، وبتنظيم الكون على الوجه التفصيلي الكامل الذي شمل كل شيء اتضح استيلاء الله ـ سبحانه ـ على الكون إجمالا وتفصيلا. {فاسأل به خبيرا} في هذه الجملة من الآية الكريمة توجيه علمي من الله إلي ضرورة البحث والتنقيب فيما يمكن بحثه من مظاهر الكون، ونظمه المختلفة للوقوف على أسرار قدرة الله في إبداع الكون.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

قوله تعالى : { الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ، الرحمن فاسأل به خبيراً } بالرحمن . قال الكلبي : يقول فاسأل الخبير بذلك ، يعني : بما ذكرنا من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش . وقيل : الخطاب للرسول والمراد منه غيره لأنه كان مصدقاً به ، والمعنى : أيها الإنسان لا ترجع في طلب العلم بهذا إلى غيري . وقيل : " الباء " بمعنى عن ، أي : فاسأل عنه خبيراً وهو الله عز وجل . وقيل : جبريل عليه السلام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

وإنما ذلك كله بيد الله { الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى } بعد ذلك { عَلَى الْعَرْشِ } الذي هو سقف المخلوقات وأعلاها وأوسعها وأجملها { الرَّحْمَنِ } استوى على عرشه الذي وسع السماوات والأرض باسمه الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء فاستوى على أوسع المخلوقات ، بأوسع الصفات . فأثبت بهذه الآية خلقه للمخلوقات واطلاعه على ظاهرهم وباطنهم وعلوه فوق العرش ومباينته إياهم .

{ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } يعني بذلك نفسه الكريمة فهو الذي يعلم أوصافه وعظمته وجلاله ، وقد أخبركم بذلك وأبان لكم من عظمته ما تستعدون به من معرفته فعرفه العارفون وخضعوا لجلاله ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

45

وفي معرض الخبرة المطلقة والقدرة على الجزاء يذكر خلق الله للسماوات والأرض ، واستعلاءه على العرش :

الذي خلق السماوات والأرص وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ، الرحمن ، فاسأل به خبيرا . .

وأيام الله التي خلق فيها السماوات والأرض غير أيامنا الأرضية قطعا . فإنما أيامنا هذه ظل للنظام الشمسي ، ومقياس لدورة فلكية وجدت بعد خلق السماوات والأرض . وهي مقيسة بقدر دورة الأرض حول نفسها أمام الشمس . والخلق لا يقتضي إلا توجه الإرادة الإلهية المرموز له بلفظة : ( كن )فتتم الكينونة( فيكون ) . ولعل هذه الأيام الستة من أيام الله التي لا يعلم مقدارها إلا هو - إنما تمت فيها أطوار متباعدة في السماوات والأرض حتى انتهت إلى وضعها الحالي . أما الاستواء على العرش فهو معنى الاستعلاء والسيطرة ولفظ( ثم )لا يدل على الترتيب الزمني إنما يدل على بعد الرتبة . رتبة الاستواء والاستعلاء .

ومع الاستعلاء والسيطرة الرحمة الكبيرة الدائمة : ( الرحمن ) . . ومع الرحمة الخبرة : ( فاسأل به خبيرا )الخبرة المطلقة التي لا يخفى عليها شيء . فإذا سألت الله ، فإنما تسأل خبيرا ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

وقوله : { الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أي : هو الحي الذي لا يموت ، وهو خالق كل شيء وربه ومليكه ، الذي خلق بقدرته وسلطانه السموات السبع في ارتفاعها واتساعها ، والأرضين السبع في سفولها وكثافتها ، { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [ الرَّحْمَنُ ] } {[21567]} ، أي : يدبر الأمر ، ويقضي الحق ، وهو خير الفاصلين .

وقوله : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } أي : استعلم عنه من هو خبير به عالم به فاتبعه واقتد به ، وقد عُلِم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به من عبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه ، على{[21568]} سيد ولد آدم على الإطلاق ، في الدنيا والآخرة ، الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى - فما قاله فهو حق ، وما أخبر به فهو صدق ، وهو الإمام المحكم الذي إذا تنازع الناس في شيء ، وجب ردّ نزاعهم إليه ، فما يوافق أقواله ، وأفعاله فهو الحق ، وما يخالفها{[21569]} فهو مردود على قائله وفاعله ، كائنا من كان ، قال الله تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [ النساء : 59 ] .

وقال : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [ الشورى : 10 ] ، وقال تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا } [ الأنعام : 115 ] أي : صدقا في الإخبار وعدلا في الأوامر والنواهي ؛ ولهذا قال : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } قال مجاهد في قوله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } قال : ما أخبرتك{[21570]} من شيء فهو كما أخبرتك . وكذا قال ابن جريج .

وقال شمر بن عطية في قوله : { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } قال : هذا القرآن خبير به .


[21567]:- زيادة من أ.
[21568]:- في ف ، أ : "عليه".
[21569]:- في أ : "وما خالفها".
[21570]:- في أ : "ما أخبرك".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

{ الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن } قد سبق الكلام فيه ، ولعل ذكره زيادة تقرير لكونه حقيقا بأن يتوكل عليه من حيث إنه الخالق للكل والمتصرف فيه ، وتحريض على الثبات والتأني في الأمر فإنه تعالى مع كمال قدرته وسرعة نفاذ أمره في كل مراد خلق الأشياء على تؤدة وتدرج ، و{ الرحمن } خبر للذي إن جعلته مبتدأ ولمحذوف إن جعلته صفة للحي ، أو بدل من المستكن في { استوى } وقرىء بالجر صفة للحي . { فسئل به خبيرا } فاسأل عما ذكر من الخلق والاستواء عالما يخبرك بحقيقته وهو الله تعالى ، أو جبريل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه ، وقيل الضمير { للرحمن } والمعنى إن أنكروا إطلاقه على الله تعالى فاسأل عنه من يخبرك من أهل الكتاب ليعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم ، وعلى هذا يجوز أن يكون { الرحمن } مبتدأ والخبر ما بعده والسؤال كما يعدى بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالياء لتضمنه معنى الاعتناء . وقيل إنه صلة { خبيرا } .