جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتّةِ أَيّامٍ ثُمّ اسْتَوَىَ عَلَى الْعَرْشِ الرّحْمََنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } .

يقول تعالى ذكره : وَتَوَكّلَ عَلى الحَيّ الّذهي لا يَمُوتُ الّذِي خَلَقَ السّمَوَاتِ والأرْضَ وَمَا بَيْنَهُما فِي سَتّةِ أيّامٍ فقال : وَما بَيْنَهُما ، وقد ذكر السموات والأرض ، والسموات جماع ، لأنه وجه ذلك إلى الصنفين والشيئين ، كما قال القطامي :

ألَمْ يَحْزُنْكَ أنّ حِبالَ قَيْسٍ *** وَتَغْلِبَ قَدْ تَبايَنَتا انْقِطاعا

يريد : وحبال تغلب فثنى ، والحبال جمع ، لأنه أراد الشيئين والنوعين .

وقوله : فِي سِتّةِ أيّامٍ قيل : كان ابتداء ذلك يوم الأحد ، والفراغ يوم الجمعة ثُمّ اسْتَوَى عَلى الْعَرْشِ الرّحمنُ يقول : ثم استوى على العرش الرحمن وعلا عليه ، وذلك يوم السبت فيما قيل . وقوله : فاسأَلْ بِهِ خَبِيرا يقول : فاسأل يا محمد خبيرا بالرحمن ، خبيرا بخلقه ، فإنه خالق كلّ شيء ، ولا يخفى عليه ما خلق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله فاسأَلْ بِهِ خَبِيرا قال : يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم : إذا أخبرتك شيئا ، فاعلم أنه كما أخبرتك ، أنا الخبير والخبير في قوله : فاسأَلْ بِهِ خَبِيرا منصوب على الحال من الهاء التي في قوله به .