الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَسۡـَٔلۡ بِهِۦ خَبِيرٗا} (59)

ثم قال تعالى{[50256]} : { الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام }[ 59 ] ، أي : اخترع ذلك في ستة أيام ، وقال : { وما بينهما }[ 59 ] ، فأتى بلفظ التثنية وقد تقدم ذكر جمع ، لأنه أراد{[50257]} النوعين ، والستة الأيام أولها يوم الأحد ، وآخرها{[50258]} الجمعة . { ثم استوى على العرش }[ 59 ] ، وذلك يوم السبت فيما قيل{[50259]} ، ولا يجوز أن يتوهم أحد في ذلك : جلوسا ولا حركة ولا نقلة ، ولكنه استوى[ على ]{[50260]} ، العرش كما شاء ، لا يمثل ذلك ، ولا يحد ، ولا يظن له انتقال من مكان إلى مكان ، لأن ذلك لمن{[50261]} صفة المحدثات . وقد قال تعالى ذكره{[50262]} : { ليس كمثله شيء }{[50263]} فلا يحل لأحد أن يمثل صفات ربه-الذي ليس كمثله شيء- بصفات المخلوقين الذين لهم أمثال وأشباه- فكما أنه تعالى لا يشبهه شيء ، كذلك صفاته ليست{[50264]} كصفات المخلوقين . فالاستواء معلوم ، والكيف لا نعلمه ، فعلينا التسليم لذلك .

وقد قيل{[50265]} : استوى : استولى ، والمعنى : ثم{[50266]} استولى بمقدرته على العرش ، فرفعه فوق السماوات والأرض المخلوقة هي وما بينهما في ستة أيام ، والعرش مخلوق بعد السماوات والأرض . ثم استولى{[50267]} بقدرته عليه ، على عظمه{[50268]} ، فرفعه فوق السماوات والأرض . والله أعلم بمراده في ذلك ، فهذا{[50269]} موضع مشكل وإنما ذكرنا قول من تقدمنا لم نأت بشيء من عندنا في هذا وشبهه{[50270]} .

ثم قال : { الرحمن فاسأل به خبيرا }[ 59 ] ، الرحمن مرفوع على البدل من المضمر في استوى أو على : {[50271]} هو الرحمن ، أو على الابتداء والخبر : { فاسأل به خبيرا }[ 59 ] ، ويجوز الخفض{[50272]} على النعت للحي{[50273]} ، ويجوز النصب على المدح ، ومعناه : فاسأل عنه خبيرا{[50274]} الباء بمعنى : عن .

كما قال جل ذكره{[50275]} : { سال سائل بعذاب واقع }{[50276]} ، أي : عن عذاب{[50277]} ، ومعناه عند الأخفش : فاسأل عن الرحمن أهل الرحمن أهل العلم يخبروك ، فخبير مفعول للسؤال .

وقال علي بن سليمان : الباء على بابها . والتقدير : فاسأل بسؤالك الذي تريد{[50278]} أن تسأل عنه : خبيرا ، فخبير مفعول به مثل الأول .

وقيل{[50279]} : خبيرا : حال من الهاء في به : والتقدير : إذا أخبرتك شيئا يا محمد فاعلم أنه كما أخبرتك أنا الخبير . وهو قول ابن جريج{[50280]} .


[50256]:"تعالى" سقطت من ز.
[50257]:بعده في ز: ذكر.
[50258]:بعده في ز: يوم.
[50259]:انظر: ابن جرير19/28.
[50260]:"على" سقطت من ع.
[50261]:"لمن" سقطت من ز.
[50262]:"ذكره" سقطت من ز.
[50263]:الشورى: 11.
[50264]:ز: ليس.
[50265]:قاله الجوهري، انظر: القرطبي7/220.
[50266]:"ثم استولى" سقطت من ز.
[50267]:ز: استوى.
[50268]:ز: عظمته.
[50269]:ز: في هذا.
[50270]:ز: "عند أو شبهه" ولعل فيه سقط.
[50271]:ز: أي: وهو الرحمن.
[50272]:انظر: معاني الزجاج 4/73، والمشكل2/135، والتبيان2/989، إملاء ما من به الرحمن2/164، وإعراب القرآن للدرويش7/33.
[50273]:ز: للخبر.
[50274]:ز: خبير.
[50275]:"جل ذكره" سقطت من ز.
[50276]:المعارج:1.
[50277]:بعده في ز: واقع.
[50278]:ز: يريد.
[50279]:انظر: ابن جرير 19/28، ومعاني الزجاج 4/73، والمشكل 2/523، قال فيه مكي: "ولا يحسن أن يكون خبيرا" حالا.اهـ.
[50280]:انظر: ابن جرير 19/28، وابن كثير5/161.