ثم قال تعالى{[50256]} : { الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام }[ 59 ] ، أي : اخترع ذلك في ستة أيام ، وقال : { وما بينهما }[ 59 ] ، فأتى بلفظ التثنية وقد تقدم ذكر جمع ، لأنه أراد{[50257]} النوعين ، والستة الأيام أولها يوم الأحد ، وآخرها{[50258]} الجمعة . { ثم استوى على العرش }[ 59 ] ، وذلك يوم السبت فيما قيل{[50259]} ، ولا يجوز أن يتوهم أحد في ذلك : جلوسا ولا حركة ولا نقلة ، ولكنه استوى[ على ]{[50260]} ، العرش كما شاء ، لا يمثل ذلك ، ولا يحد ، ولا يظن له انتقال من مكان إلى مكان ، لأن ذلك لمن{[50261]} صفة المحدثات . وقد قال تعالى ذكره{[50262]} : { ليس كمثله شيء }{[50263]} فلا يحل لأحد أن يمثل صفات ربه-الذي ليس كمثله شيء- بصفات المخلوقين الذين لهم أمثال وأشباه- فكما أنه تعالى لا يشبهه شيء ، كذلك صفاته ليست{[50264]} كصفات المخلوقين . فالاستواء معلوم ، والكيف لا نعلمه ، فعلينا التسليم لذلك .
وقد قيل{[50265]} : استوى : استولى ، والمعنى : ثم{[50266]} استولى بمقدرته على العرش ، فرفعه فوق السماوات والأرض المخلوقة هي وما بينهما في ستة أيام ، والعرش مخلوق بعد السماوات والأرض . ثم استولى{[50267]} بقدرته عليه ، على عظمه{[50268]} ، فرفعه فوق السماوات والأرض . والله أعلم بمراده في ذلك ، فهذا{[50269]} موضع مشكل وإنما ذكرنا قول من تقدمنا لم نأت بشيء من عندنا في هذا وشبهه{[50270]} .
ثم قال : { الرحمن فاسأل به خبيرا }[ 59 ] ، الرحمن مرفوع على البدل من المضمر في استوى أو على : {[50271]} هو الرحمن ، أو على الابتداء والخبر : { فاسأل به خبيرا }[ 59 ] ، ويجوز الخفض{[50272]} على النعت للحي{[50273]} ، ويجوز النصب على المدح ، ومعناه : فاسأل عنه خبيرا{[50274]} الباء بمعنى : عن .
كما قال جل ذكره{[50275]} : { سال سائل بعذاب واقع }{[50276]} ، أي : عن عذاب{[50277]} ، ومعناه عند الأخفش : فاسأل عن الرحمن أهل الرحمن أهل العلم يخبروك ، فخبير مفعول للسؤال .
وقال علي بن سليمان : الباء على بابها . والتقدير : فاسأل بسؤالك الذي تريد{[50278]} أن تسأل عنه : خبيرا ، فخبير مفعول به مثل الأول .
وقيل{[50279]} : خبيرا : حال من الهاء في به : والتقدير : إذا أخبرتك شيئا يا محمد فاعلم أنه كما أخبرتك أنا الخبير . وهو قول ابن جريج{[50280]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.