ثم زاد في المبالغة ، فقال : { الذى خَلَقَ السموات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استوى عَلَى العرش } قد تقدّم تفسير هذا في الأعراف ، والموصول في محل جرّ على أنه صفة للحيّ ، وقال { بينهما } ، ولم يقل بينهنّ ؛ لأنه أراد النوعين ، كما قال القطامي :
ألم يحزنك أن جبال قيس *** وتغلب قد تباتتا انقطاعاً
فإن قيل : يلزم أن يكون خلق العرش بعد خلق السماوات ، والأرض كما تفيده ثم ، فيقال إن كلمة ثم لم تدخل على خلق العرش بل على رفعه على السموات والأرض ، والرحمن مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وهو صفة أخرى للحيّ ، وقد قرأه الجمهور بالرفع ، وقيل : يجوز أن يكون بدلاً من الضمير في { استوى } ، أو يكون مبتدأ وخبره الجملة أي : فاسأل على رأي الأخفش ، كما في قول الشاعر :
وقرأ زيد بن علي { الرحمن } بالجرّ على أنه نعت للحيّ ، أو للموصول { فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } الضمير في به يعود إلى ما ذكر من خلق السماوات والأرض ، والاستواء على العرش . والمعنى : فاسأل بتفاصيل ما ذكر إجمالاً من هذه الأمور . وقال الزجاج والأخفش : الباء بمعنى عن : أي فاسأل عنه ، كقوله { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] وقول امرؤ القيس :
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك *** إن كنت جاهلة بما لم تعلم
فإن تسألوني بالنساء فإنني *** خبير بأدواء النساء طبيب
والمراد بالخبير الله سبحانه ؛ لأنه لا يعلم تفاصيل تلك المخلوقات إلاّ هو ، ومن هذا قول العرب : لو لقيت فلاناً للقيك به الأسد : أي للقيك بلقائك إياه الأسد ، فخبيراً منتصب على المفعولية ، أو على الحال المؤكدة ، واستضعف الحالية أبو البقاء ، فقال : يضعف أن يكون { خبيراً } حالاً من فاعل اسأل ، لأن الخبير لا يسأل إلاّ على جهة التوكيد ، كقوله : { وَهُوَ الحق مُصَدّقًا } [ البقرة : 91 ] قال : ويجوز أن يكون حالاً من الرحمن إذا رفعته باستوى . وقال ابن جرير : يجوز أن تكون الباء في { به } زائدة . والمعنى : فاسأله حال كونه خبيراً . وقيل قوله { به } يجري مجرى القسم كقوله : { واتقوا الله الذي تَسَاءلُونَ بِهِ } [ النساء : 1 ] ، والوجه الأوّل أقرب هذه الوجوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.