{ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } يعني في مدّة : مقدارها هذه المدّة ، لأنه لم يكن حينئذ نهار ولا ليل ، وقيل : ستة أيام من أيام الآخرة ، وكل يوم ألف سنة . والظاهر أنها من أيام الدنيا . وعن مجاهد : أوّلها يوم الأحد ، وآخرها يوم الجمعة . ووجهه أن يسمي الله لملائكته تلك الأيام المقدرة بهذه الأسماء فلما خلق الشمس وأدارها وترتب أمر العالم على ما هو عليه ، جرت التسمية على هذه الأيام . وأما الداعي إلى هذا العدد أعني الستة دون سائر الأعداد فلا نشك أنه داعي حكمة ؛ لعلمنا أنه لا يقدّر تقديراً إلاّ بداعي حكمة ، وإن كنا لا نطلع عليه ولا نهتدي إلى معرفته . ومن ذلك تقدير الملائكة الذين هم أصحاب النار تسعة عشر ، وحملة العرش ثمانية ، والشهور أثني عشر ، والسموات سبعاً والأرض كذلك ، والصلوات خمساً ، وأعداد النصب والحدود والكفارات وغير ذلك . والإقرار بدواعي الحكمة في جميع أفعاله ، وبأن ما قدّره حق وصواب هو الإيمان . وقد نصّ عليه في قوله : { وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أُتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً } [ المدثر : 31 ] ثم قال : { وما يعلم جنود ربك إلا هو } [ المدثر : 31 ] وهو الجواب أيضاً في أن لم يخلقها في لحظة ، وهو قادر على ذلك . وعن سعيد بن جبير رضي الله عنهما . إنما خلقها في ستة أيام وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة ، تعليماً لخلقه الرفق والتثبت . وقيل : اجتمع خلقها يوم الجمعة فجعله الله عيداً للمسلمين . الذي خلق مبتدأ . و { الرحمن } خبره . أو صفة للحيّ ، والرحمن : خبر مبتدأ محذوف . أو بدل عن المستتر في استوى . وقرىء : «الرحمن » بالجر صفة للحيّ . وقرىء : «فسل » والباء في به صلة سل ، كقوله تعالى : { سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] كما تكون عن صلته في نحو قوله : { ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم } [ التكاثر : 8 ] فسأل به ؛ كقوله : اهتمّ به ، واعتني به ، واشتغل به . وسأل عنه كقولك بحث عنه ؛ فتش عنه ، ونقر عنه . أو صلة خبيراً : وتجعل خبيراً مفعول سل ، يريد : فسل عنه رجلاً عارفاً يخبرك برحمته ، أو فسل رجلاً خبيراً به وبرحمته . أو : فسل بسؤاله خبيراً ؛ كقولك : رأيت به أسداً ، أي برؤيته ، والمعنى : إن سألته وجدته خبيراً . أو تجعله حالاً عن الهاء ، تريد : فسل عنه عالماً بكلّ شيء . وقيل : الرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدّمة ، ولم يكونوا يعرفونه : فقيل : فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب ، حتى يعرف من ينكره . ومن ثمة كانوا يقولون : ما نعرف الرحمن إلاّ الذي باليمامة ، يعنون مسيلمة . وكان يقال له : رحمن اليمامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.