{ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا }
وتقدم الكلام في نظير هذا الكلام واحتمل { الذي } أن يكون صفة للحي الذي لا يموت .
ويتعين على قراءة زيد بن عليّ { الرحمن } بالجر وأما على قراءة الجمهور { الرحمن } بالرفع فإنه يحتمل أن يكون { الذي } صفة للحي و { الرحمن } خبر مبتدأ محذوف .
ويحتمل أن يكون { الذي } مبتدأ و { الرحمن } خبره .
وأن يكون { الذي } خبر مبتدأ محذوف ، و { الرحمن } صفة له .
أو يكون { الذي } منصوباً على إضمار أعني ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون { الرحمن } مبتدأ .
و { فاسأل } خبره تخريجه على حد قول الشاعر :
وقائلة خولان فانكح فتاتهم . . .
وجوزوا أيضاً في { الرحمن } أن يكون بدلاً من الضمير المستكن في { استوى } .
والظاهر تعلق به بقوله { فاسال } وبقاء الباء غير مضمنة معنى عن .
و { خبيراً } من صفات الله كما تقول : لقيت بزيد أسداً ولقيت بزيد البحر ، تريد أنه هو الأسد شجاعة ، والبحر كرماً .
والمعنى أنه تعالى اللطيف العالم الخبير والمعنى { فاسأل } الله الخبير بالأشياء العالم بحقائقها .
وقال ابن عطية : و { خبيراً } على هذا منصوب إما بوقوع السؤال ، وإما على الحال المؤكدة .
كما قال { وهو الحق مصدقاً } وليست هذه الحال منتقلة إذا الصفة العلية لا تتغير انتهى .
وبني هذا الإعراب على أنه كما تقول : لو لقيت فلاناً للقيت به البحر كرماً أي لقيت منه .
والمعنى { فاسأل الله } عن كل أمر وكونه منصوباً على الحال المؤكدة على هذا التقدير لا يصح إنما يصح أن يكون مفعولاً به ، ويجوز أن تكون الباء بمعنى عن ، أي { فاسأل } عنه { خبيراً } كما قال الشاعر :
فإن تسألوني بالنساء فإنني *** بصير بأدواء النساء طبيب
ويكون { خبيراً } ليس من صفات الله هنا ، كأنه قيل : اسأل عن الرحمن الخبراء جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة ، وإن جعلت { به } متعلقاً بخبيراً كان المعنى { فاسأل } عن الله الخبراء به .
وقال الكلبي معناه { فاسأل } خبيراً به و { به } يعود إلى ما ذكر من خلق السموات والأرض والاستواء على العرش ، وذلك الخبير هو الله تعالى لأنه لا دليل في العقل على كيفية خلق ذلك فلا يعلمها إلاّ الله .
وعن ابن عباس : الخبير جبريل وقدم لرؤوس الآي .
وقال الزمخشري : الباء في { به } صلة سل كقوله { سأل سائل بعذاب } كما يكون عن صلته في نحو { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } أو صلة { خبيراً } به فتجعل { خبيراً } مفعولاً أي ، فسل عنه رجلاً عارفاً يخبرك برحمته ، أو فسل رجلاً خبيراً به وبرحمته ، أو فسل بسؤاله خبيراً .
كقولك ، رأيت به أسداً أي رأيت برؤيته ، والمعنى إن سألته وجدته خبيراً بجعله حالاً عن به تريد فسل عنه عالماً بكل شيء .
وقيل : { الرحمن } اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه .
فقيل : فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب حتى يعرف من ينكره ومن ثم كانوا يقولون : ما نعرف الرحمن إلاّ الذي في اليمامة يعنون مسيلمة ، وكان يقال له رحمن اليمامة انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.