المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

10- دعاء المؤمنين في هذه الجنات تسبيح وتنزيه لله عما كان يقوله الكافرون في الدنيا ، وتحية الله لهم ، وتحية بعضهم لبعض تقرير للأمن والاطمئنان ، وخاتم دعائهم دائماً حمد الله على توفيقه إياهم بالإيمان ، وظفرهم برضوانه عليهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

قوله تعالى : { دعواهم } ، أي : قولهم وكلامهم . وقيل : دعاؤهم . { فيها سبحانك اللهم } ، وهي كلمة تنزيه ، تنزه الله من كل سوء . وروينا : { أن أهل الجنة يلهمون الحمد والتسبيح ، كما يلهمون النفس } . قال أهل التفسير : هذه الكلمة علامة بين أهل الجنة والخدم في الطعام ، فإذا أرادوا الطعام قالوا : سبحانك اللهم ، فأتوهم في الوقت بما يشتهون على الموائد ، كل مائدة ميل في ميل ، على كل مائدة سبعون ألف صحفة ، وفي كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا ، فإذ فرغوا من الطعام حمدوا لله ، فذلك قوله تعالى :{ وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } .

قوله تعالى : { وتحيتهم فيها سلام } أي : يحي بعضهم بعضا بالسلام . وقيل : تحية الملائكة لهم بالسلام . وقيل : تأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام . { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } ، يريد : يفتتحون كلامهم بالتسبيح ، ويختمونه بالتحميد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

{ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } أي عبادتهم فيها لله ، أولها تسبيح لله وتنزيه له عن النقائض ، وآخرها تحميد لله ، فالتكاليف سقطت عنهم في دار الجزاء ، وإنما بقي لهم أكمل اللذات ، الذي هو ألذ عليهم من المآكل اللذيذة ، ألا وهو ذكر الله الذي تطمئن به القلوب ، وتفرح به الأرواح ، وهو لهم بمنزلة النَّفَس ، من دون كلفة ومشقة .

{ و } أما { تَحِيَّتُهُمْ } فيما بينهم عند التلاقي والتزاور ، فهو السلام ، أي : كلام سالم من اللغو والإثم ، موصوف بأنه { سَلَامٌ } وقد قيل في تفسير قوله { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ } إلى آخر الآية ، أن أهل الجنة -إذا احتاجوا إلى الطعام والشراب ونحوهما- قالوا سبحانك اللهم ، فأحضر لهم في الحال .

فإذا فرغوا قالوا : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

فما همومهم في هذه الجنة وما هي شواغلهم ، وما هي دعواهم التي يحبون تحقيقها ? إن همومهم ليست مالاً ولا جاهاً ، وإن شواغلهم ليست دفع أذى ولا تحصيل مصلحة . لقد كفوا شر ذلك كله ، ولقد اكتفوا فما لهم من حاجة من تلك الحاجات ، ولقد استغنوا بما وهبهم الله ، ولقد ارتفعوا عن مثل هذه الشواغل والهموم . إن أقصى ما يشغلهم حتى ليوصف بأنه( دعواهم )هو تسبيح الله أولا وحمده أخيرا ، يتخلل هذا وذاك تحيات بينهم وبين أنفسهم وبينهم وبين ملائكة الرحمن :

( دعواهم فيها : سبحانك اللهم . وتحيتهم فيها سلام . وآخر دعواهم : أن الحمد لله رب العالمين ) . .

إنه الانطلاق من هموم الحياة الدنيا وشواغلها ؛ والارتفاع عن ضروراتها وحاجاتها ، والرفرفة في آفاق الرضى والتسبيح والحمد والسلام . تلك الآفاق اللائقة بكمال الإنسان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

وقوله : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } أي : هذا حال أهل الجنة .

قال ابن جريج : أخبرتُ أن قوله : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } [ قال : إذا مر بهم الطير يشتهونه ، قالوا : سبحانك اللهم ]{[14077]} وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه ، فيسلم عليهم ، فيردون عليه . فذلك قوله : { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ } قال : فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

وقال مقاتل بن حيان : إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم : { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } قال : فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم ، مع كل خادم صحفة من ذهب ، فيها طعام ليس في الأخرى ، قال : فيأكل منهن كلهن .

وقال سفيان الثوري : إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال : { سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ } وهذه الآية فيها شبه من قوله : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } [ الأحزاب : 44 ] ، وقوله : { لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا إِلا قِيلا سَلامًا سَلامًا } [ الواقعة : 25 ، 26 ] . وقوله : { سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } [ يس : 58 ] . وقوله : { وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } [ الرعد : 23 ، 24 ] .

وقوله : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } هذا فيه دلالة على أن الله تعالى هو المحمود أبدا ، المعبود على طول المدى ؛ ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه واستمراره ، وفي ابتداء كتابه ، وعند ابتداء تنزيله ، حيث يقول تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ } [ الكهف : 1 ] ، { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ } [ الأنعام : 1 ] إلى غير ذلك من الأحوال التي يطول بسطها ، وأنه المحمود في الأول و[ في ]{[14078]} الآخر ، في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، في جميع الأحوال ؛ ولهذا جاء في الحديث : " إن أهل الجنة يُلْهَمُونَ التسبيح والتحميد كما يُلْهَمُونَ النَّفَس " {[14079]} وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم الله عليهم ، فتكرّر{[14080]} وتعاد وتزاد ، فليس لها انقضاء ولا أمد ، فلا إله إلا هو ولا رب سواه .


[14077]:- زيادة من ت ، أ.
[14078]:- زيادة من ت.
[14079]:- رواه مسلم في صحيحه برقم (2835) من حديث جابر رضي الله عنه.
[14080]:- في ت ، أ : "فيكرر".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

وأما قوله : دَعْوَاهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللّهُمْ فإن معناه : دعاؤهم فيها سبحانك اللهمّ . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرت أن قوله : دعْوَاهُمْ فِيها سُبْحانَك اللّهُمّ قال : إذا مرّ بهم الطير فيشتهونه ، قالوا : سبحانك اللهمّ وذلك دعواهم ، فيأتيهم الملك بما اشتهوا ، فيسلم عليهم ، فيردّون عليه ، فذلك قوله : وتَحِيّتُهُمْ فِيها سَلامٌ . قال : فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : دعْوَاهُمْ فِيها سُبْحانَك اللّهُمّ يقول : ذلك قولهم فيها وتَحِيّتُهُمْ فِيها سَلامٌ .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله الأشجعي ، قال : سمعت سفيان يقول : دعْوَاهُمْ فِيها سُبْحانَك اللّهُمّ وتَحِيّتُهُمْ فِيها سَلامٌ قال : إذا أرادوا الشيء قالوا : اللهمّ فيأتيهم ما دعوا به .

وأما قوله : سُبْحانَكَ اللّهُمّ فإن معناه : تنزيها لك يا ربّ مما أضاف إليك أهل الشرك بك من الكذب عليك والفرية .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت أبي ، عن غير واحد عطية فيهم : سبحان الله تنزيه لله .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب ، قال : سمعت موسى بن طلحة ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبحان الله ، قال : «إبْرَاءُ اللّهِ عَنِ السّوءِ » .

حدثنا أبو كريب وأبو السائب وخلاد بن أسلم ، قالوا : حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثنا قابوس ، عن أبيه : أن ابن الكوّاء سأل عليّا رضي الله عنه عن «سبحان الله » قال : كلمة رضيها الله لنفسه .

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان بن سعيد الثوري عن عثمان بن عبد الله بن موهب الطلحي ، عن موسى بن طلحة ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن سبحان الله ، فقال : «تَنْزِيها لِلّهِ عَنِ السّوءِ » .

حدثني عليّ بن عيسى البزار ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن حماد ، قال : ثني حفص بن سليمان ، قال : حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة ، عن أبيه ، عن طلحة بن عبيد الله ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله ، فقال : «هُوَ تَنْزِيهُ اللّهِ مِنْ كُلّ سُوءٍ » .

حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي ، قال : حدثنا سليمان بن أيوب ، قال : ثني أبي ، عن جدي ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه ، قال : قلت : يا رسول الله قول سبحان الله ؟ قال : «تَنْزِيهُ اللّهِ عَنِ السّوءِ » .

وتَحِيّتُهُمْ يقول : وتحية بعضهم بعضا فِيها سَلامٌ : أي سلمت وأمنت مما ابتلي به أهل النار . والعرب تسمى الملك التحية ومنه قول عمرو بن معديكرّب :

أزُورُ بها أبا قابُوسَ حتى *** أنِيخَ عَلى تَحِيّتِهِ بِجُنْدِي

ومنه قول زهير بن جناب الكلبي :

مِنْ كُلّ ما نالَ الفَتَى *** قَدْ نِلْتُهُ إلاّ التّحِيّهْ

وقوله : وآخِرُ دَعْوَاهُمْ يقول : وآخر دعائهم أن الحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالَمِينَ يقول : وآخر دعائهم أن يقولوا : الحمد لله ربّ العالمين ولذلك خففت «أن » ولم تشدّد ، لأنه أريد بها الحكاية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

{ دعواهم فيها } أي دعاؤهم . { سبحانك اللهم } اللهم إنا نسبحك تسبيحا . { وتحيّتهم } ما يحيي به بعضهم بعضا ، أو تحية اللائكة إياهم . { فيها سلام وآخر دعواهم } وآخر دعائهم . { أن الحمد لله رب العالمين } أي أن يقولوا ذلك ، ولعل المعنى أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال ، ثم حياهم الملائكة بالسلامة عن الآفات والفوز بأصناف الكرامات أو الله تعال فحمدوه واثنوا عليه بصفات الإكرام ، و{ أن } هي المخففة من الثقيلة وقد قرئ بها وبنصب { الحمد } .