تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

{ دعواهم فيها سبحانك اللهم } ، فهذا علم بين أهل الجنة وبين الخدم إذا أرادوا الطعام والشراب دعواهم أن يقولوا في الجنة : { سبحانك اللهم } ، فإذا الموائد قد جاءت ، فوضعت ميلا في ميل ، قوائمها اللؤلؤ ، ودخل عليهم الخدم من أربعة آلاف باب معهم صحاف الذهب سبعون ألف صحفة ، في كل صحفة لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله ، كلما شبع ألقى الله عليه ألف باب من الشهوة ، كما شبع أتى بشربة تهضم ما قبلها بمقدار أربعين عاما ، ويؤتون بألوان الثمار ، وتجئ الطير أمثال البخت ، مناقيرها لون ، وأجنحتها لون ، وظهورها لون ، وبطونها لون ، وقوائمها لون ، تتلألأ نورا ، حتى تقف بين يديه في بيت طوله فرسخ في فرسخ ، في غرفة فيها سرر موضونة ، والوضن مشبك وسطه بقضبان الياقوت والزمرد الرطب ، ألين من الحرير ، قوائهما اللؤلؤ ، حافتاه ذهب وفضة ، عليه من الفرش مقدار سبعين غرفة في دار الدنيا ، لو أن رجلا وقع من تلك الغرف لم يبلغ قرار الأرض سبعين عاما . فيأكلون ويشربون ، وتقوم الطير وتصطف بين يديه ، وتقول : يا ولي الله ، رعيت في روضة كذا وكذا ، وشربت من عين كذا وكذا ، فأيتهن أعجبه وصفها وقعت على مائدته نصفها قديد سبعون ألف لون من الطير الواحد ، والنصف شواء ، فيأكل منها ما أحب ، ثم يطير فينطلق إلى الجنة ؛ لأنه ليس في الجنة من يموت ، { وتحيتهم فيها سلام } وذلك أن يأتيه ملك من عند رب العزة ، فلا يصل إليه حتى يستأذن له حاجب فيقوم بين يديه ، فيقول : يا ولي الله ، ربك يقرأ عليك السلام ، وذلك قوله تعالى : { وتحيتهم فيها سلام } ، من عند الرب تعالى ، فإذا فرغوا من الطعام والشراب ، قالوا : الحمد لله رب العالمين ، وذلك قوله عز وجل : { وآخر دعواهم } يعنى قولهم حين فرغوا من الطعام والشراب { أن الحمد لله رب العالمين } [ آية :10 ] .