{ دعواهم فيها } قال بعض المفسرين : أي دعاؤهم ونداؤهم كما يدعو القانت بقوله : اللهم إياك نعبد : وقيل : الدعاء العبادة كقوله : { وأعتزلكم وما تدعون من دون الله } [ مريم : 48 ] وإنما تكون هذه عبادتهم لا على سبيل التكليف بل على سبيل الإلهام والعادة ابتهاجاً بذكر الله . وقيل : الادعاء بين المتخاصمين والمعنى أن أهل الجنة يدعون في الدنيا والآخرة تنزيه الله من المعايب والإقرار له بالإلهية . قال القفال : أصله من الدعاء لأن الخصم يدعو خصمه إلى من يحكم بينهما . وقيل : أي طريقتهم وسيرتهم وذلك لأن المدعي للشيء مواظب عليه فيمكن أن يجعل الدعوى كناية عن الملازمة وإن لم يكن في قولهم سبحانك اللهم دعاء ولا دعوى . وقيل : أي تمنيهم كقوله : { ولهم ما يدعون } [ يس : 57 ] أي ما يتمنونه . وتقول العرب : ادّع عليّ ما شئت أي تمن فكان تمنيهم في الجنة ليس إلا تسبيح الله وتقديسه ، ولقد كانوا في الدنيا يدعون في الحروب من يسكنون إليه ويستنصرونه فيقولون : يا آل فلان فأخبر الله تعالى عنهم أن أنسهم في الجنة بذكر الله وسكونهم بتحميده { وتحيتهم فيها سلام } أي بعضهم يحيي بعضاً بالسلام . وقيل : هي تحية الله أو الملائكة إياهم إضافة للمصدر إلى المفعول { وآخر دعواهم أن الحمد } هي «أن » المخففة من الثقيلة وأصله أنه الحمد { لله } على أن الضمير للشأن . قال أهل الظاهر من المفسرين : في سبب تخصيص هذه الأذكار بأهل الجنة أن قوله : { سبحانك اللهم } علم بين أهل الجنة وخدامهم إذا سمعوا ذلك منهم أتوهم بما يشتهونه . قال ابن جريج : ورد في الأخبار أنه إذا مرّ بهم طير يشتهونه قالوا : { سبحانك اللهم } فيأتيهم الملك بذلك المشتهى ، فإذا نالوا منه شهوتهم قالوا : { الحمد لله رب العالمين } وقال القاضي : إنه وعد المتقين بالثواب العظيم فإذا دخل أهل الجنة الجنة ووجدوا تلك المواعيد قالوا سبحانك اللهم أي نسبحك عن الخلف في الوعد . وقيل : ألهم الله بني آدم في الجنة بعد انقراض الدنيا ما افتخر به الملائكة قبلهم في قولهم : { ونحن نسبح بحمدك } [ البقرة : 30 ] ويمكن أن يقال : إن لكل إنسان معراجاً بحسب قوته فإذا وصل العارف الصادق إلى صفات جلال الله تعالى قال سبحانك ، وإذا ارتقى منها إلى الذات قال اللهم ، فإذا عجز عن ذلك المضمار واحترق في أوائل تلك الأنوار رجع من عالم الجلال إلى عالم الإكرام فأفاض الخير على جميع المحتاجين ويدفع المخافات والمكاره عنهم بكل ما أمكنه وذلك قوله : { وتحيتهم فيها سلام } ثم إذا شاهدوا أثر نعمة الله عليهم بالاستفاضة والإفاضة اختتموا الكلام بقولهم : { الحمد لله رب العالمين } . وعلى هذا يدور أمرهم في العروج والنزول ما داموا في الدنيا فيكون كذلك حالهم في العقبى لقوله : «كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.