نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

ولما كان الواجب على العباد أولاً تنزيهه تعالى عن النقائص التي أعظمها الإشراك . وكان من فعل ذلك سلم من غوائل الضلال فربح نفسه فعرف ربه وفاز في شهود حضرته بمشاهدة أوصاف الكمال ، أشارإلى التسليك في ذلك بقوله : { دعواهم } أي دعاؤهم العظيم الثابت الكثير الذي يقولونه فيها لا{[37667]} على وجه التكليف ، بل يلهمونه إلهام النفس في الدنيا { فيها } وأشار إلى مجامع التنزيه عن كل شائبة نقص فقال : { سبحانك اللهم } إشارة إلى الأمر الأول الذي هو الأساس وهو المعراج في الآخرة { وتحيتهم } أي لله{[37668]} وفيما بينهم { فيها سلام } إشارة إلى أول نتائج الأساس بأنه لا عطب{[37669]} معه بوجه وهو نزول عن المعراج بالنظر في أحوال الخلق { وآخر دعواهم } أي دعائهم العظيم وهو المعراج الكمالي { أن الحمد } أي الكمال { لله } أي المحيط بجميع أوصاف{[37670]} الجلال والجمال يعني أن التنزيه{[37671]} عن النقص أوجب لهم السلامة ؛ ولما سلموا من كل نقص وصلوا إلى الحضرة فغرقوا في بحار الجلال وانكشفت لهم سمات الكمال ؛ والدعوى : قول يدعى به إلى أمر ؛ والتحية : التكرمة بالحال الجليلة ، وأصله من قولهم{[37672]} : أحياك الله حياة طيبة ، وأشار بقوله : { رب العالمين } إلى نعمة الإيجاد إرشاداً بذلك إلى القدرة على المعاد ، وفيه هبوط عن المعراج الكمالي إلى{[37673]} الخلق ، وذلك إشارة إلى أن الإنسان لا ينفك عن الحاجة والنقصان .


[37667]:زيد من ظ.
[37668]:من ظ، وفي الأصل: الله.
[37669]:في ظ: عطف.
[37670]:في ظ: بأوصاف.
[37671]:في ظ: التنويه.
[37672]:في ظ: قوله.
[37673]:سقط من ظ.