محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

[ 10 ] { دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين 10 } .

{ دعواهم فيها سبحانك اللهم } أي دعاؤهم هذا الكلام ، لأن ( اللهم ) نداء ، ومعناه : اللهم إنما نسبحك ، كقول القانت : اللهم إياك نعبد يقال : دعا يدعو دعاء ودعوى ، كما يقال : شكا يشكو شكاية وشكوى . ويجوز أن يراد بالدعاء العبادة ، ونظيره آية{[4709]} { وأعتزلكم وما تدعون من دون الله } : { وتحيتهم فيها سلام } أي ما يحيي به بعضهم بعضا ، أو تحية الملائكة إياهم ، كما في قوله تعالى{[4710]} : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } أو تحية الله عز وجل لهم ، كما في قوله تعالى : { سلام قولا من رب رحيم } {[4711]} . و ( التحية ) التكرمة بالحالة الجلية . أصلها : أحياك الله حياة طيبة ، و ( السلام ) بمعنى السلامة من كل مكروه . { وآخر دعواهم } أي وخاتمة دعائهم هو التسبيح { أن الحمد لله رب العالمين } أي حمده تعالى : والمراد من الآية أن دعاء أهل الجنة وعبادتهم هو قولهم . سبحانك اللهم وبحمدك . وإيثار التعبير عن ( وبحمدك ) ، بقوله : { وآخر } الخ رعاية للفواصل ، واهتماما بالحمد وما معه من النعوت الجليلة ، تذكيرا بمسماها ، والآية تدل على سمو هذا الذكر ، لأنه دعاء أهل الجنة وذكر الملائكة كما قالوا : { ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك } {[4712]} . ولذلك ندب قراءته بعد تكبيرة الإحرام .

قال الرازيّ لما استسعد أهل الجنة بذكر ( سبحانك اللهم وبحمدك ) ، وعاينوا ما فيه من السلامة عن الآفات والمخافات ، علموا أن كل هذه الأحوال السنية ، والمقامات القدسية ، إنما تيسرت بإحسان الحق سبحانه وإفضاله وإتمامه ، فلا جرم اشتغلوا بالحمد والثناء .


[4709]:[19 / مريم / 48].
[4710]:[13 /الرعد / 23]
[4711]:[36 / يس / 58].
[4712]:[2 / البقرة / 30].