تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

وقوله تعالى : ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ) قال قائلون : قوله : ( دعواهم ) دعوى الإيمان أي يدعون في الآخرة [ دعوى الإيمان إلى التوحيد لله و التنزيه ][ في الأصل : التوحيد لله والتنزيل ، وفي م : والتوحيد والتنزيه ] له كما دعوا[ في الأصل وم : ادعوا ] بقول : ( سبحانك اللهم ) فيؤتون ما تمنوا ، واشتهوا . ولكن ذكر ألا تنقطع اللذات في الجنة ، ولو كان ما يقولون لكان فيه انقطاع اللذات والشهوات إلا أن يقال إنهم يلهمون شهوات وأماني ، فيشتهون : قال[ في الأصل وم : وقال ] الله عز وجل : ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم )[ فصلت : 31 ] [ وقال ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وفاكهة مما يتخيرون )( ولحم طير مما يشتهون )[ الواقعة : 21-21 ] ولا نعلم ما أرادبه .

وقوله تعالى : ( سبحانك اللهم ) يخرج على وجوه :

أحدها : يخبر أنه ليس على أهل الجنة من العبادات شيء سوى التوحيد .

والثاني : يقولون ذلك لعظيم ما رأوا من النعيم وعجيب ما عاينوا .

والثالث : شكرا لما أعطاهم من ألوان النعيم والأطعمة .

وقوله تعالى : ( وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) قال أهل التأويل : إن الملائكة يأتون من ألوان النعيم بما اشتهوا ، ويسلمون عليهم ، ويردون السلام على الملائكة . فذلك قوله ( وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) فإذا طعموا ، وفرغوا ، قالوا عند ذلك : ( أَن الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وهو قول ابن عباس وغيره من أهل التأويل .

ويشبه أن يكون قوله : ( وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) الكلام[ في الأصل وم : والكلام ] الذي لا عيب فيه ، ولا مطعن ؛ أي كلام بعضهم لبعض منزه منفي عن جميع العيوب والمطاعن كقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما )الآية [ مريم : 62 ] وقوله ( إلا قيل سلاما سلاما )[ الواقعة : 26 ] ونحوه .

وقوله تعالى : ( وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قال أهل التأويل : يقولون على إثر فراغهم من الطعام والشراب ذلك . وقال الحسن : إن الله رضي من عباده بالشكر لما أنعم عليهم في الدنيا والآخرة ب : ( الحمد لله رب العالمين ) ويشبه أن يكون قوله : ( آخر دعواهم ) أي دعواهم في الآخرة ( الحمد لله رب العالمين ) كما كان دعواهم في الدنيا ( الحمد لله رب العالمين ) .