الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (10)

ثم قال تعالى إخبار عن أهل الجنة { دعواهم{[30549]} فيها سبحانك اللهم }[ 10 ] .

حكى سيبويه : الدعوى بمعنى الدعاء{[30550]} . فالمعنى دعاؤهم في الجنة : سبحانك اللهم{[30551]} .

قال ابن جريح : وإذا{[30552]} مر بهم الطير يشتهونه قالوا : سبحانك اللهم فيأتيهم الملك بما يشتهون{[30553]} فيسلم عليهم ، فيردون عليه ( السلام ){[30554]} فذلك قوله : { وتحيتهم فيها سلام }[ 10 ] فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله تعالى{[30555]} : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين }[ 10 ]{[30556]} .

والتحية : البقاء . ومنه قوله : " التحيات لله " ، والتحية أيضا : الملك ، والتحية هي استقبال الرجل بالمحيا : وهو الوجه بما يسره من الكلام{[30557]} . وقيل : التحية في هذا بمعنى الحياة ، أي : يحيي بعضهم بعضا{[30558]} .

إنهم يحيون ولا يموتون ، ويسلمون من كل شيء يحذرون . والسلام بمعنى السلامة{[30559]} .

وقيل : { تحيتهم فيها سلام }[ 10 ] أي : تحية بعضهم لبعض فيها سلام{[30560]} . أي : " سلمت وأمنت مما ابتلي به أهل النار " {[30561]} .

وقيل : المعنى إن الله ( عز وجل ){[30562]} يحييهم بالسلام{[30563]} إكراما منه ( لهم ){[30564]} .

وقال سفيان{[30565]} : إذا أرادوا الشيء قالوا : سبحانك اللهم ، فيأتيهم ما دعوا ){[30566]} به{[30567]} : ومعنى { سبحانك اللهم }[ 10 ] : تنزيها لك يا ألله مما أضاف إليك أهل الشرك من الكذب{[30568]} .

( وسئل النبي صلى الله عليه وسلم{[30569]} ، عن : سبحان الله ، فقال : مفسرا تنزيها ( لله ){[30570]} عن{[30571]} السوء ){[30572]} .

وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : هي كلمة رضيها الله ( عز وجل ){[30573]} لنفسه{[30574]} . فسبحان الله : كلمة ينزه بها ( الله عن كل ){[30575]} فعل مذموم{[30576]} أو متهم .

( اللهم ) : وقف{[30577]} و( سلام ) : وقف{[30578]} . ومذهب سيبويه في { أن الحمد لله }[ 10 ] أنها مخففة من الثقيلة ، والمعنى : أنه ( الحمد لله رب العالمين ){[30579]} .

و{[30580]} أجاز المبرد{[30581]} أن يعملها – وهي مخففة – عملها مشددة{[30582]} . والرفع أقيس ، لأنه{[30583]} قد زال منها شبه الفعل باللفظ لما خففت ، ومن أعملها شبهها{[30584]} بالفعل الذي قد حذف منه وأعمل . نحو : " لم يك " . وقرأ بلال بن أبي بردة : " أن الحمد " بالتشديد ونصب " الحمد " {[30585]} .


[30549]:ب: دعو لهم.
[30550]:ورد في: الكتاب 4/40 ما نصه: "وأما الدعوى فهو ما ادعيت" وقال أيضا: "وقالوا: المدعاة والمأدبة. وإنما يريدون الدعاء إلى الطعام" 4/90. وانظر الدعوى بمعنى الدعاء في التفسير الكبير 11/46.
[30551]:انظر هذا المعنى في: جامع البيان 15/30.
[30552]:ط: فإذا.
[30553]:حكى سفيان الثوري في تفسيره 128 قال: {دعواهم فيها سبحانك اللهم}[يونس: 10] قال: إذا اشتهوا شيئا قالوا: سبحانك اللهم، فإذا هو بين أيديهم).
[30554]:ساقطة من ط.
[30555]:ساقط من ق.
[30556]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/30، وتفسير ابن كثير 2/633، والدر 4/346. وعزاه أيضا في: المحرر 9/15: إلى سفيان بن عيينة.
[30557]:انظر جميع هاته الأوجه اللغوية في: "اللسان" مادة: "حيا".
[30558]:وهو قول ابن جريج، وسفيان بن عيينة. انظر المحرر 9/15. وانظر الهامش السابق.
[30559]:انظر هذا التوجيه في: تلخيص البيان في مجاز القرآن 154، والمحرر 9/32. وانظر: اللسان "سلم.
[30560]:وهو قول الزجاج في: معانيه 3/8.
[30561]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/32.
[30562]:ساقط من ق.
[30563]:انظر هذا المعنى في: معاني الزجاج 3/8، وإعراب العكبري 2/667.
[30564]:ساقطة من ق.
[30565]:هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري، عالم، فقيه، محدث (ت: 161) انظر: طبقات ابن سعد 6/2714، وطبقات الفقهاء 84.
[30566]:ساقطة من ق.
[30567]:انظر تفسير الثوري 128، وجامع البيان 11/30.
[30568]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/30.
[30569]:ط: صم.
[30570]:ساقط من ق.
[30571]:في النسختين معا: من وهو خطأ.
[30572]:رواه الطبري عن نصر بن عبد الرحمن الأودي، عن سفيان الثوري، عن عثمان بن عبد الله بن وهب الطلحي، عن موسى بن طلحة. وهو خبر مرسل لا يقوم إسناده. كذا حققه أحمد شاكر. انظر تعليقه في: جامع البيان 15/31.
[30573]:ساقط من ق.
[30574]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/31. والمحرر 9/14.
[30575]:ساقط من ط.
[30576]:ط: مقولن وهي زيادة لم أتبينها.
[30577]:وهذا الوقف تام عند أحمد بن جعفر. انظره في: القطع 373.
[30578]:انظر هذا الوقف في: القطع 374 والمكتفى 304، والمقصد 43.
[30579]:ساقط من النسختين. والتصويب من "الكتاب". وانظر هذا الإعراب في: الكتاب 3/165، ومعاني الزجاج 88.
[30580]:ساقط من ق.
[30581]:هو أبو العباس محمد بن يزيد، صاحب التصانيف، المعروفة في اللغة، والنحو، والأدب، وأشهرها المقتضب، والكامل (ت: 244 هـ) انظر: إنباه الرواة 3/241، ووفيات الأعيان 6/365.
[30582]:انظر هذا الإعراب في: المقتضب 2/361.
[30583]:ط: لأنها.
[30584]:ط: يشبهها.
[30585]:وهي قراءة شاذة، قرأ بها أيضا بن محيصن. انظر شواذ القرآن 61، والمحتسب 1/308.