المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

20- وإن أردتم أن تستبدلوا زوجة مكان أخرى وكنتم قد أعطيتم من تريدون طلاقها مالاً كثيراً فلا يحلُّ لكم أن تأخذوا منه شيئاً ، أتأخذونه على وجه البطلان والإثم المبين ؟ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

قوله تعالى : { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } . أراد بالزوج والزوجة إذا لم يكن من قبلها نشوز ولا فاحشة .

قوله تعالى : { وآتيتم } . أعطيتم .

قوله تعالى : { إحداهن قنطاراً } . وهو المال الكثير صداقاً .

قوله تعالى : { فلا تأخذوا منه } . من القنطار .

قوله تعالى : { شيئاً أتأخذونه } . استفهام بمعنى التوبيخ .

قوله تعالى : { بهتاناً وإثماً مبيناً } . انتصابهما من وجهين : أحدهما : بنزع الخافض . والثاني : بالإضمار تقديره تصيبون في أخذه بهتاناً وإثماً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

فإن كان لا بد من الفراق ، وليس للإمساك محل ، فليس الإمساك بلازم .

بل متى { أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ } أي : تطليقَ زوجة وتزوجَ أخرى . أي : فلا جناح عليكم في ذلك ولا حرج . ولكن إذا { آتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ } أي : المفارقة أو التي تزوجها { قِنْطَارًا } أي : مالا كثيرا . { فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } بل وفروه لهن ولا تمطلوا بهن .

وفي هذه الآية دلالة على عدم تحريم كثرة المهر ، مع أن الأفضل واللائق الاقتداءُ بالنبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف المهر . ووجه الدلالة أن الله أخبر عن أمر يقع منهم ، ولم ينكره عليهم ، فدل على عدم تحريمه [ لكن قد ينهي عن كثرة الصداق إذا تضمن مفسدة دينية وعدم مصلحة تقاوم ]{[203]}

ثم قال : { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } فإن هذا لا يحل ولو تحيلتم عليه بأنواع الحيل ، فإن إثمه واضح .


[203]:- زيادة من هامش ب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

فإذا تبين بعد الصبر والتجمل والمحاولة والرجاء . أن الحياة غير مستطاعة ، وأنه لا بد من الانفصال ، واستبدال زوج مكان زوج ، فعندئذ تنطلق المرأة بما أخذت من صداق ، وما ورثت من مال ، لا يجوز استرداد شيء منه ، ولو كان قنطارا من ذهب . فأخذ شيء منه إثم واضح ، ومنكر لا شبهة فيه :

( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج ، وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا . أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ؟ ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَإِنْ أَرَدْتّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مّبِيناً } .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { وَإنْ أرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ } وإن أردتم أيها المؤمنون نكاح امرأة مكان امرأة لكم تطلقونها { وآتَيْتمْ إحْدَاهنّ } يقول : وقد أعطيتم التي تريدون طلاقها من المهر قنطارا ، والقنطار : المال الكثير . وقد ذكرنا فيما مضى اختلاف أهل التأويل في مبلغه والصواب من القول في ذلك عندنا . { فلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا } يقول : فلا تضرّوا بهنّ إذا أردتم طلاقهنّ ليفتدين منكم بما آتيتموهن . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { وَإنْ أرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ } : طلاق امرأة مكان أخرى ، فلا يحلّ له من مال المطلقة شيء وإن كثر .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

القول في تأويل قوله تعالى : { أتأْخُذُونَهُ بُهْتانا وإثْما مبِينا } .

يعني بقوله تعالى : { أتأْخُذُونَهُ } : أتأخذون ما آتيتموهنّ من مهورهنّ ، { بُهْتانا } يقول : ظلما بغير حقّ ، { وإثْما مُبِينا } يعني : وإثما قد أبان أمر آخذه أنه بأخذه إياه لمن أخذه منه ظالم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

لما مضى في الآية المتقدمة حكم الفراق الذي سببه المرأة ، وأن للزوج أخذ المال منها ، عقب ذلك ذكر الفراق الذي سببه الزوج ، والمنع من أخذ مالها مع ذلك ، فهذا الذي في هذه الآية هو الذي يختص الزوج بإرادته ، واختلف العلماء ، إذا كان الزوجان يريدان الفرق ، وكان منهما نشوز وسوء عشرة ، فقال مالك رحمه الله : للزوج أن يأخذ منها إذا سبب الفراق ، ولا يراعي تسبيبه هو ، وقالت جماعة من العلماء : لا يجوز له أخذ المال إلا أن تنفرد هي بالنشوز وبظلمه في ذلك ، وقال بعض الناس : يخرج في هذه الآية جواز المغالاة بالمهور ، لأنه الله تعالى قد مثل بقنطار ، ولا يمثل تعالى إلا بمباح .

وخطب عمر بن الخطاب فقال : ألا لا تغالوا بمهور نسائكم ، فإن الرجل يغالي حتى يكون ذلك في قلبه عداوة للمرأة ، يقول : تجشمت إليك علق القربة أو عرق القربة{[3914]} ، فيروى أن امرأة كلمته من وراء الناس فقالت ، كيف هذا ؟ والله تعالى يقول : { وآتيتم إحداهن قنطاراً } قال : فأطرق عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر ، ويروى أنه قال : امرأة أصابت ورجل أخطأ ، والله المستعان ، وترك الإنكار ، وقال قوم : لا تعطي الآية جواز المغالاة بالمهور لأن التمثيل جاء على جهة المبالغة ، كأنه قال : وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد ، وهذا كقوله عليه السلام ، ( من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة ){[3915]} فمعلوم أنه لا يكون مسجد كمفحص وقد قال النبي عليه السلام لابن أبي حدرد - وقد جاء يستعينه في مهره - فسأله عن المهر ، فقال : مائتين ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحرة أو جبل ، الحديث ){[3916]} فاستقرأ بعض الناس من هذا منع المغالاة بالمهور .

قال القاضي أبو محمد : وهذا لا يلزم ، لأن هذا أحوج نفسه إلى الاستعانة والسؤال ، وذلك مكروه باتفاق ، وإنما المغالاة المختلف فيها مع الغنى وسعة المال ، وقرأ ابن محيصن بوصل ألف «إحداهن » وهي لغة تحذف على جهة التخفيف ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ونَسْمَعُ مِنْ تَحْتِ العجَاجِ لَهَا زمْلا{[3917]}

وقول الآخر : [ الكامل ]

*إنْ لَمْ أُقَاتِلْ فَالبِسوني بُرْقُعا{[3918]}*

وقد تقدم القول في قدر القنطار في سورة آل عمران ، وقرأ أبو السمال «منه شيئاً » بفتح الياء والتنوين ، وهي قراءة أبي جعفر والبهتان : مصدر في موضع الحال ، ومعناه : محيراً لشنعته وقبح الأحدوثة والفعلة فيه .


[3914]:- قال القرطبي: علق القربة: عصامها الذي تعلق به، وعرق القربة هو ماؤها، وقيل هو سيلانها. وقال الأصمعي: معناها الشدة، ولا أدري ما أصلها.
[3915]:- أورده لأحمد في مسنده 1/ 241 (عن ابن عباس) وانظر ابن ماجة (مساجد:1)
[3916]:- هو عبد الله بن أبي حدرد ويروي حفيده إسماعيل أن جده عبد الله تزوج امرأة على أربع أواق فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لو كنتم تنحتون من الجبل ما زدتم)؛ أخرجه أحمد من طريق عبد الواحد بن أبي عون عن جدته عن ابن أبي حدرد بمعناه (انظر الإصابة 4/ 54، 55).
[3917]:- هذا عجز بيت، وصدره: "تضب لثات الخيل في حجراتها". أورده ابن جني في الخصائص 3/151، والمحتسب 1/120، 184 شاهدا على حذف الهمزة، انظر القرطبي 5/101.
[3918]:- ورد هذا الشطر أيضا في الخصائص 3/ 151 والمحتسب 1/120 والقرطبي 5/101 ولم أهتد لقائله أو شطره الآخر.