غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِنۡ أَرَدتُّمُ ٱسۡتِبۡدَالَ زَوۡجٖ مَّكَانَ زَوۡجٖ وَءَاتَيۡتُمۡ إِحۡدَىٰهُنَّ قِنطَارٗا فَلَا تَأۡخُذُواْ مِنۡهُ شَيۡـًٔاۚ أَتَأۡخُذُونَهُۥ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (20)

11

النوع الرابع من التكليف { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } وذلك أنه لما أذن في مضارتهن إذا أتين بفاحشة بين تحريم الضرار في غير حالة الفاحشة . يروى أن الرجل منهم كان إذا مال إلى التزوج بامرأة أخرى رمى زوجته الأولى بالفاحشة حتى يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ليصرفه إلى تزوّج المرأة روي يريدها فنهوا عنه . والقنطار المال العظيم ، وفيه دليل على جواز المغالاة في المهر . روي أن عمر قال على المنبر : ألا لا تغالوا في مهور نسائكم . فقامت امرأة وقالت : يا ابن الخطاب ، الله يعطينا وأنت تمنع وتلت هذه الآية . فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر ورجع عن ذلك . ويحتمل أن يقال : ذكر إيتاء القنطار وارد على سبيل المبالغة والفرض لا الرخصة . وهو في موضع الحال أي وقد آتيتم . ومعنى الإيتاء الالتزام ووقوع العقد عليه سواء أدّى المال إليها أم لا . واعلم أن النشوز إن كان من قبل الزوجة حل أخذ مال الخلع ، وإن كان من قبل الزوج لم يحل إلا أنه يفيد الملك لو خالع ، كما أن البيع وقت النداء منهي عنه ، ثم إنه يفيد الملك . { أتأخذونه } استفهام بطريق الإنكار { بهتاناً } وهو أن يستقبل الرجل بأمر قبيح يقذفه به وهو بريء منه لأنه يبهت عند ذلك أي يتحير . وفي الحديث " إذا واجهت أخاك بما ليس فيه فقد بهته " وهو مصدر في موضع الحال أي باهتين وآثمين ، أو على أنه مفعول له مثل : قعدت جبناً . وقيل : بنزع الخافض أي ببهتان . وقيل : بمضمر أي تصيبون بهتاناً . وسبب تسمية هذا الأخذ بهتاناً أنه تعالى فرض لها ذلك المهر فمن استردّه فكأنه يقول ليس ذلك بفرض فيكون بهتاناً ، أو أنه عند العقد تكفل بتسليم ذلك المهر إليها وأن لا يأخذه منها فإذا أخذه منها صار القول الأوّل بهتاناً أي باطلاً ، أو كان من عادتهم أنهم إذا أرادوا تطليق الزوجة رموها بفاحشة حتى تفتدي ، فلما كان هذا الأمر واقعاً على هذا الوجه في الأغلب سيق الكلام على ذلك .

وبالحقيقة أن أخذ هذا المال طعن في ذاتها من حيث إنه مشعر بأنها قد أتت بفاحشة وقبض على مالها فهو بهتان من وجه وظلم من وجه آخر . وقيل : المراد عقاب البهتان والإثم كقوله :{ إنما يأكلون في بطونهم ناراً } [ النساء :10 ]

/خ22