قوله تعالى : { قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين } ، وذلك أن النقباء الذين خرجوا يتجسسون الأخبار لما رجعوا إلى موسى وأخبروه بما عاينوا ، قال لهم موسى : اكتموا شأنهم ، ولا تخبروا به أحداً من أهل العسكر فيفشلوا ، فأخبر كل رجل منهم قريبه وابن عمه ، إلا رجلان وفيا بما قال لهما موسى ، أحدهما يوشع بن نون بن أفراثيم بن يوسف عليهم السلام فتى موسى ، والآخر كالب بن يوفنا ختن موسى عليه السلام على أخته مريم بنت عمران ، وكان من سبط يهود ، وهما النقباء ، فعلمت جماعة من بني إسرائيل ذلك ، ورفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا : يا ليتنا متنا في أرض مصر ، أو ليتنا نموت في هذه البرية ، ولا يدخلنا الله أرضهم ، فتكون نساؤنا ، وأولادنا ، وأثقالنا ، غنيمةً لهم . وجعل الرجل يقول لصاحبه : تعال نجعل علينا رأسا وننصرف إلى مصر ، فذلك قوله تعالى إخباراً عنهم { قالوا يا موسى إن فيها قوماً جبارين } .
قوله تعالى : { وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون } ، أصل الجبار المتعظم ، الممتنع عن القهر ، يقال : نخلة جبارة إذا كانت طويلة ، ممتنعة عن وصول الأيدي إليها ، وسمى أولئك القوم جبارين لامتناعهم بطولهم ، وقوة أجسادهم ، وكانوا من العمالقة ، وبقية قوم عاد ، فلما قال بنو إسرائيل ما قالوا وهموا بالانصراف إلى مصر ، خر موسى وهارون ساجدين ، وخرق يوشع وكالب ثيابهما ، وهما اللذان أخبر الله تعالى عنهما في قوله . { قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب } .
{ يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ } شديدي القوة والشجاعة ، أي : فهذا من الموانع لنا من دخولها .
{ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } وهذا من الجبن وقلة اليقين ، وإلا فلو كان معهم رشدهم ، لعلموا أنهم كلهم من بني آدم ، وأن القوي من أعانه الله بقوة من عنده ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولعلموا أنهم سينصرون عليهم ، إذ وعدهم الله بذلك ، وعدا خاصا .
ولكن إسرائيل . ، هي إسرائيل ! ! ! الجبن . والتمحل . والنكوص على الأعقاب . ونقض الميثاق : ( قالوا : يا موسى إن فيها قوما جبارين ؛ وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها ، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) . إن جبلة يهود لتبدو هنا على حقيقتها ، مكشوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجمل . ذلك أنهم أمام الخطر ؛ فلا بقية إذن من تجمل ؛ ولا محاولة إذن للتشجع ، ولا مجال كذلك للتمحل . إن الخطر ماثل قريب ؛ ومن ثم لا يعصمهم منه حتى وعد الله لهم بأنهم أصحاب هذه الأرض ، وأن الله قد كتبها لهم - فهم يريدونه نصرا رخيصا ، لا ثمن له ، ولا جهد فيه . نصرا مريحا يتنزل عليهم تنزل المن والسلوى !
( إن فيها قوما جبارين . . وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها . . فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) . .
ولكن تكاليف النصر ليست هكذا كما تريدها يهود ! وهي فارغة القلوب من الإيمان !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.