إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ} (22)

{ قَالُوا } استئناف مبنيٌّ نشأ من مَساق الكلام كأنه قيل : فماذا قالوا بمقابلة أمرِه عليه السلام ونهيِه ؟ فقيل : قالوا غيرَ ممتثِلين بذلك : { قَالُوا ياموسى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ } متغلِّبين لا يتأتّى منازعتهم ولا يتسنى مناصبتهم . والجبارُ العاتي الذي يُجبرُ الناسَ ويقسرهم كائناً من كان على ما يريده كائناً ما كان ، فعّال من جبرَه على الأمر أي أجْبَره عليه { وَإِنَّا لَن ندْخُلَهَا حتى يَخْرُجُوا مِنْهَا } من غير صُنْع مِنْ قِبَلِنا ، فإنه لا طاقة لنا بإخراجهم منها { فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا } بسببٍ من الأسباب التي لا تعلُّقَ لنا بها { فَإِنَّا داخلون } حينئذ ، أتَوْا بهذه الشرطية مع كون مضمونها مفهوماً مما سبق من توقيت عدمِ الدخول بخروجهم منها تصريحاً بالمقصود وتنصيصاً على أن امتناعهم من دخولها ليس إلا لمكانهم فيها ، وأتَوا في الجزاء بالجملة الاسمية المصدرة بحرف التحقيق دلالةً على تقرُّر الدخول وثباتِه عند تحقّق الشرط لا محالة ، وإظهاراً لكمال الرغبة فيه ، وفي الامتثال بالأمر .