مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ} (22)

ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم { قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين } وفي تفسير الجبارين وجهان : الأول : الجبار فعال من جبره على الأمر بمعنى أجبره عليه ، وهو العاتي الذي يجبر الناس على ما يريد ، وهذا هو اختيار الفراء والزجاج . قال الفراء : لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين وهما : جبار من أجبر ، ودراك من أدرك ، والثاني : أنه مأخوذ من قولهم نخلة جبارة إذا كانت طويلة مرتفعة لا تصل الأيدي إليها ، ويقال : رجل جبار إذا كان طويلا عظيما قويا ، تشبيها بالجبار من النخل والقوم كانوا في غاية القوة وعظم الأجسام بحيث كانت أيدي قوم موسى ما كانت تصل إليهم ، فسموهم جبارين لهذا المعنى .

ثم قال القوم { وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون } وإنما قالوا هذا على سبيل الاستبعاد كقوله تعالى : { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } .