الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ} (22)

ذكر عز وجل ، أنهم تعنَّتوا ونَكصُوا ، { قالوا يا موسى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ }[ المائدة :22 ] ، والجَبَّار : من الجَبْر ، كأنه لِقُدْرته وغَشْمه وبَطْشه يَجْبُرُ الناس على إرادته ، والنَّخْلَةُ الجُبَارَةُ : العاليةُ التي لا تُنَالُ بيدٍ ، وكان من خبر الجَبَّارين ، أنهم كانوا أهلَ قوَّة ، فلما بعث موسى الإثْنَيْ عَشَرَ نقيباً مُطَّلِعِينَ من أمر الجبَّارين ، وأحوالهم ، رأَوْا لهم قوةٌ وبطْشاً ، وتخيَّلوا أن لا طاقة لهم بهم ، فتعاقدوا بينهم على أنْ يُخْفُوا ذلك مِنْ بني إسرائيل ، وأنْ يعلموا به موسى ، ليرى فيه أمر ربه ، فلما انصرفوا إلى بني إسرائيل ، خان منهم عَشَرة ، فعرَّفوا قراباتِهِمْ ، ومَنْ وثِقُوا به ، ففشا الخَبَر ، حتى اعوج أمْرُ بني إسرائيل ، وقالوا : { اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا }[ المائدة : 24 ] ، ولم يفِ مِنَ النُّقَبَاء إلا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ ، وَكَالِبُ بْنُ يُوفَتَّا ، ويقال فيه : كَالُوث بثاء مثلَّثة .