الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ} (22)

قوله : ( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ) الآية [ 24 ] .

المعنى : أن الله تعالى ذكره أخبر عن ( قول )( {[15434]} ) قوم موسى له إذا أمرهم بدخول الأرض المقدسة ، وأنهم قالوا : إن فيها قوماً جبارين لا طاقة لنَا بِهم( {[15435]} ) .

سموا( {[15436]} ) " جبارين " لشدتهم وعظم خلقهم( {[15437]} ) وقوتهم( {[15438]} ) .

وأصل الجبار : أن يكون المصلح أمر نفسه ومن يلزمه أمره ، ثم استعمل في كل من جر إلى نفسه نفعاً بباطل أو حق ، حتى قيل للمعتدي : جبار( {[15439]} ) وقال بعض أهل اللغة : " الجبار –من الآدميين( {[15440]} )- ( العاتي )( {[15441]} ) الذي يَجبُر الناس على ما يريد( {[15442]} ) " ( {[15443]} ) .

وقولهم ( لَن نَّدْخُلَهَا ) لم تدخل ( لن )( {[15444]} ) للعصيان منهم وللامتناع( {[15445]} ) من أمر الله لهم ، ولو كان كذلك( {[15446]} ) لكفروا ، إنما دخلت لتدل على امتناع الدخول للخوف من الجبارين ودل( {[15447]} ) على ذلك قولهم ( فَإِنْ يَّخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ )( {[15448]} ) ، ومن أسماء الله جل وعز : الجبار ، لأنه المصلح أمر/ عباده .

قال ابن عباس : لما قرب منهم موسى ، بعث إليهم اثني( {[15449]} ) عشر نقيباً ليأتوه بخبرهم ، فدخلوا المدينة فرأوا أمراً عظيماً ( من )( {[15450]} ) هيئتهم وأسجامهم فدخلوا حائطاً لبعضهم ، فجاء صاحب الحائط يجتني( {[15451]} ) الثمار فنظر إلى آثارهم فتتبعها( {[15452]} ) ، فوجدهم ، فكلما أصاب واحداً منهم أخذه فجعله في كمه مع الفاكهة حتى التقط الإثني عشر كلهم فجعلهم في كمه مع الفاكهة وذهب إلى ملكهم فنثرهم( {[15453]} ) بين يديه ، فقال الملك : قد رأيتم شأننا وأمرنا ، اذهبوا فأخبروا صاحبكم . فرجعوا إلى موسى فأخبروه بما عاينوا من أمرهم( {[15454]} ) .

وقال الضحاك : ( إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ) قال : سفلة لاَ خَلاَقَ( {[15455]} ) لهم " ( {[15456]} ) .

فعند ذلك قالوا لموسى ( ( اِنَّا )( {[15457]} ) لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَّخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) .


[15434]:- ساقطة من ب.
[15435]:- انظر: تفسير الطبري 10/171.
[15436]:- ج د: واسموا.
[15437]:- ج: خلقتهم.
[15438]:- انظر: ما سبق من روايات حول عظم خلقه فيما سبق من تفسير الآية 13 من هذه السورة، وانظر: تفسير ابن كثير 2/39.
[15439]:- انظر: تفسير الطبري 10/172، وأحكام القرطبي 6/126.
[15440]:- ب ج د: الأنس.
[15441]:- ب: العاند. ساقطة من ج د.
[15442]:- ب ج د: (يريد ومن أسماء الله الجبار، لأنه المصلح أمر عباده). وهذه الجملة تأتي بعد قليل.
[15443]:- معاني الزجاج 2/162.
[15444]:- ب ج د: ان.
[15445]:- ج: للامتاع.
[15446]:- ج د: ذلك.
[15447]:- ب: دخل.
[15448]:- انظر: تفسير الطبري 10/175.
[15449]:- ج د: اثنا.
[15450]:- ساقطة من ب.
[15451]:- ب: ليجني، ج د: ليجتني.
[15452]:- ب ج د: فتبعها.
[15453]:- الظاهر من الخرم في "أ" أنها كما أثبتت. ب ج د: فنشرهم. وانظر: تفسير الطبري 10/173، وتفسير ابن كثير 2/40.
[15454]:- انظر: تفسير الطبري 10/173، وعقب ابن كثير على رواية الطبري بقوله: "وفي هذا الإسناد نظر" 2/40.
[15455]:- ج: أخلاق.
[15456]:- انظر: تفسير الطبري 10/174.
[15457]:- ساقطة من ب ج د.