قوله تعالى : { وآتوا اليتامى أموالهم } . قال مقاتل والكلبي : نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير ، فدفع إليه ماله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنه يحل داره ، يعني جنته ، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثبت الأجر وبقي الوزر ، فقالوا : كيف بقي الوزر ؟ فقال : ثبت الأجر للغلام ، وبقي الوزر على والده ، وقوله { وآتوا } خطاب للأولياء والأوصياء ، واليتامى : جمع يتيم ، واليتيم : اسم لصغير لا أب له ولا جد وإنما يدفع المال إليهم بعد البلوغ ، وسماهم يتامى ها هنا على معنى انهم كانوا يتامى .
قوله تعالى { ولا تتبدلوا } . لا تستبدلوا .
قوله تعالى : { الخبيث بالطيب } . أي : مالهم الذي هو حرام عليكم بالحلال من أموالكم ، واختلفوا في هذا التبديل ، قال سعيد بن المسيب والنخعي والزهري والسدي : كان أولياء اليتامى يأخذون الجيد من مال اليتيم ويجعلون مكانه الردئ فربما كان أحد يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها المهزولة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويجعل مكانه الزيف ويقول : درهم بدرهم ، فنهوا عن ذلك وقيل : كان أهل الجاهلية لا يورثون السناء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث ، فنصيبه من الميراث طيب ، وهذا الذي يأخذه خبيث ، وقال مجاهد : لا تتعجل الرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال .
قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } . أي : مع أموالكم ، كقوله تعالى { من أنصاري إلى الله } ، أي : مع الله .
{ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا }
وقوله تعالى : { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا } هذا أول ما أوصى به من حقوق الخلق في هذه السورة . وهم اليتامى الذين فقدوا آباءهم الكافلين{[183]} لهم ، وهم صغار ضعاف لا يقومون بمصالحهم .
فأمر الرءوف الرحيم عباده أن يحسنوا إليهم ، وأن لا يقربوا أموالهم إلا بالتي هي أحسن ، وأن يؤتوهم أموالهم إذا بلغوا ورشدوا ، كاملة موفرة ، وأن لا { تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ } الذي هو أكل مال اليتيم بغير حق . { بِالطَّيِّبِ } وهو الحلال الذي ما فيه حرج ولا تبعة . { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ } أي : مع أموالكم ، ففيه تنبيه لقبح أكل مالهم بهذه الحالة ، التي قد استغنى بها الإنسان بما جعل الله له من الرزق في ماله . فمن تجرأ على هذه الحالة ، فقد أتى { حُوبًا كَبِيرًا } أي : إثمًا عظيمًا ، ووزرًا جسيمًا .
ومن استبدال الخبيث بالطيب أن يأخذ الولي من مال اليتيم النفيس ، ويجعل بدله من ماله الخسيس . وفيه الولاية على اليتيم ، لأن مِنْ لازم إيتاء اليتيم ماله ، ثبوت ولاية المؤتي على ماله .
وفيه الأمر بإصلاح مال اليتيم ، لأن تمام إيتائه ماله حفظه والقيام به بما يصلحه وينميه وعدم تعريضه للمخاوف والأخطار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.