قوله : { وَءاتُوا اليتامى أموالهم } خطاب للأولياء ، والأوصياء . والإيتاء : الإعطاء . واليتيم : من لا أب له . وقد خصصه الشرع بمن لم يبلغ الحلم . وقد تقدم تفسير معناه في البقرة مستوفي ، وأطلق اسم اليتيم عليهم عند إعطائهم أموالهم ، مع أنهم لا يعطونها إلا بعد ارتفاع اسم اليتم بالبلوغ مجازاً باعتبار ما كانوا عليه ، ويجوز أن يراد باليتامى المعنى الحقيقي ، وبالإيتاء ما يدفعه الأولياء ، والأوصياء إليهم من النفقة ، والكسوة لا دفعها جميعها ، وهذه الآية مقيدة بالآية الأخرى ، وهي قوله تعالى : { فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } [ النساء : 6 ] فلا يكون مجرد ارتفاع اليتم بالبلوغ مسوغاً لدفع أموالهم إليهم ، حتى يؤنس منهم الرشد .
قوله : { وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الخبيث بالطيب } نهي لهم عن أن يصنعوا صنع الجاهلية في أموال اليتامى ، فإنهم كانوا يأخذون الطيب من أموال اليتامى ، ويعوضونه بالرديء من أموالهم ، ولا يرون بذلك بأساً وقيل المعنى : لا تأكلوا أموال اليتامى ، وهي محرّمة خبيثة ، وتدعوا الطيب من أموالكم .
وقيل المراد : لا تتعجلوا أكل الخبيث من أموالهم ، وتدعوا انتظار الرزق الحلال من عند الله ، والأوّل أولى ؛ فإن تبدل الشيء بالشيء في اللغة أخذه مكانه ، وكذلك استبداله ، ومنه قوله تعالى : { وَمَن يَتَبَدَّلِ الكفر بالإيمان فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل } [ البقرة : 108 ] وقوله : { أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ } [ البقرة : 61 ] وأما التبديل فقد يستعمل كذلك كما في قوله : { وبدلناهم بجنتيهم جَنَّتَيْنِ } [ سبأ : 16 ] وأخرى بالعكس ، كما في قولك بدّلت الحلقة بالخاتم : إذا أذبتها ، وجعلتها خاتماً ، نص عليه الأزهري .
قوله : { وَلاَ تَأْكُلُوا أموالهم إلى أموالكم } ذهب جماعة من المفسرين إلى أن المنهي عنه في هذه الآية هو الخلط ، فيكون الفعل مضمناً معنى الضم ، أي : لا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم ، ثم نسخ هذا بقوله تعالى : { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم } [ البقرة : 220 ] وقيل : إن «إلى » بمعنى «مع » ، كقوله تعالى : { مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله } [ آل عمران : 52 ] والأوّل أولى . والحوب : الإثم يقال : حاب الرجل يحوب حوباً : إذا أثم ، وأصله الزجر للإبل ، فسمي الإثم حوباً لأنه يزجر عنه . والحوبة : الحاجة . والحوب أيضاً : الوحشة ، وفيه ثلاث لغات : ضم الحاء وهي قراءة الجمهور . وفتح الحاء ، وهي قراءة الحسن ، قال الأخفش : وهي لغة تميم . والثالثة الحاب . وقرأ أبيّ بن كعب حاباً على المصدر ، كقال قالا . والتحوب التحزن ، ومنه قول طفيل :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.