بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَءَاتُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰٓ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ وَلَا تَتَبَدَّلُواْ ٱلۡخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِۖ وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَهُمۡ إِلَىٰٓ أَمۡوَٰلِكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حُوبٗا كَبِيرٗا} (2)

ثم قال { وآتوا اليتامى أموالهم } يقول للأولياء { أَتَوْا اليتامى أموالهم } التي عندكم إذا بلغوا النكاح ، يعني الحلم { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث } يعني الحرام { بالطيب } يعني بالحلال من أموالكم يقول : لا تذروا أموالكم الحلال ، وتأكلوا الحرام من أموال اليتامى . ويقال : لا تخلطوا الخبيث بالطيب . ويقال : لا تخلطوا من مالكم الرديء ، وتأخذوا الجيد من مال اليتيم . يعني أن يرسل شاة عجفاء في غنمه ويأخذ مكانها شاة سمينة ، وفي الحبوب كذلك . ويقال : لا تجعلوا أموالهم وقاية لأموالكم .

ثم قال تعالى { وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالهم إلى أموالكم } يعني مع أموالكم { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } يعني : إثماً عظيماً قرأ الحسن «حوباً » بنصب الحاء . قال مقاتل : هو بلغة الحبش . قال القتبي : الحُوب والحَوْب واحد ، وهو الإثم . وقال مقاتل : نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخيه ، فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه العم ، فنزلت الآية فقرأها عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل : أطعنا الله ورسوله ، ونعوذ بالله من الحوب الكبير ، فدفع إليه ماله ، فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لَقَدْ أصَابَ الأَجْرَ وَبَقِيَ الوِزْرُ " فقالوا كيف بقي الوزر وقد أنفقه في سبيل الله ؟ فقال : " أصَابَ الغُلامُ الأجْرَ وَبَقِيَ الوِزْرُ عَلَى وَالِدِهِ "