الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَءَاتُواْ ٱلۡيَتَٰمَىٰٓ أَمۡوَٰلَهُمۡۖ وَلَا تَتَبَدَّلُواْ ٱلۡخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِۖ وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَهُمۡ إِلَىٰٓ أَمۡوَٰلِكُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حُوبٗا كَبِيرٗا} (2)

قوله سبحانه : { وَآتُواْ اليتامى أموالهم . . . }[ النساء :2 ] .

قال ابنُ زَيْدٍ : هذه مخاطبةٌ لِمَنْ كانَتْ عادتُهُ من العَرَب ألاَّ يَرِثَ الصَّغيرُ من الأولاد ، وقالتْ طائفة : هذه مخاطبةٌ للأوصياءِ ، قال ابنُ العَرَبِيِّ : وذلك عند الابتلاء ، والإرشاد ، انتهى .

وقوله : { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الخبيث بالطيب } ، قال ابن المسيِّب وغيره : هو ما كان يفعله بعضهم من إبدال الشاة السَّمينة مِنْ مال اليتيم ، بالهَزِيلة مِنْ ماله ، والدِّرْهَمِ الطَّيِّبِ بالزِّائِفِ ، وقيل : المراد : لا تأكلوا أموالهم خبيثًا ، وتَدَعُوا أموالكم طيبًا ، وقيل غيرُ هذا ، والطَّيِّب هنا : الحلالُ ، والخَبِيثُ : الحرامُ .

وقوله : { إلى أموالكم } : التقدير : ولا تُضِيفُوا أموالهم إلى أموالكم في الأكْل ، والضميرُ في ( أنَّهُ ) : عائدٌ على الأَكْلِ ، والحُوبُ : الإثم ، قاله ابن عباس وغيره : وتَحَوَّبَ الرَّجُلُ ، إذا ألْقى الحُوبَ عن نَفْسه ، وكذلك تَحَنَّثَ ، وَتَأَثَّمَ ، وَتَخَرَّجَ ، فَإن هذه الأربعة بخلافِ «تَفَعَّلَ » كلِّه ، لأنَّ «تَفَعَّلَ » معناه : الدُّخُول في الشَّيْء ، كتَعَبَّد ، وتَكَسَّبَ ، وما أشبهه ، ويلحق بهذه الأربعةِ ، تَفَكَّهُونَ في قوله تعالى : { لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حطاما فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } ]الواقعة : 65 ] أيْ : تُطَرِّحُونَ الفَكَاهَة عَنْ أنفسكم .

وقوله تعالى : { كَبِيراً } : نصٌّ على أنَّ أكل مال اليتيم مِنَ الكَبَائر .