المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (6)

6- ويذهب بهم فرط ضلالهم أن يطلبوا إنزال العذاب عاجلا بدل أن يطلبوا الهداية التي تنقذهم ، ويتوهمون أن الله لا ينزل بهم العقوبة في الدنيا إن أراد ، وقد مضت عقوبات أمثالهم علي ذلك ، فيمن أهلكهم الله قبلهم ، وشأن الله أن يغفر الظلم لمن يتوب ويعود إلي الحق ، وينزل العقاب الشديد بمن يستمر علي ضلاله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (6)

قوله تعالى : { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } ، الاستعجال : طلب تعجيل الأمر قبل مجيء وقته ، والسيئة هاهنا هي : العقوبة ، والحسنة : العافية . وذلك أن مشركي مكة كانوا يطلبون العقوبة بدلا من العافية استهزاء منهم يقولون : { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } [ الأنفال-32 ] . { وقد خلت من قبلهم المثلات } ، أي : مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها العقوبات . والمثلات جمع المثلة بفتح الميم وضم الثاء ، مثل : صدقة وصدقات .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسّيّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنّ رَبّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لّلنّاسِ عَلَىَ ظُلْمِهِمْ وَإِنّ رَبّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ } .

يقول تعالى ذكره : ويستعجلونك يا محمد مشركو قومك بالبلاء والعقوبة قبل الرخاء والعافية ، فيقولون : اللّهُمّ إنْ كانَ هذَا هُوَ الحَقّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجَارَةً مِنَ السّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذَابٍ ألِيمٍ وهم يعلمون ما حلّ بمن خلا قبلهم من الأمم التي عصت ربها وكذّبت رسلها من عقوبات الله وعظيم بلائه ، فمن بين أمة مُسِخت قِرَدة وأخرى خنازير ، ومن بين أمة أهلكت بالرجْفَة ، وأخرى بالخسف ، وذلك هو المُثلات التي قال الله جلّ ثناؤه : وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ المَثُلاتُ والمَثُلات : العقوبات المنكّلات ، والواحدة منها : مَثُلة بفتح الميم وضمّ الثاء ، ثم تجمع مَثُلات كما واحدة الصّدُقات صَدُقَة ، ثم تجمع صَدُقات . وذكر أن تميما من بين العرب تضم الميم والثاء جميعا من المَثُلات ، فالواحدة على لغتهم منها مُثْلة ، ثم تجمع على مُثُلات ، مثل غُرْفة وغُرُفات ، والفعل منه : مثلتَ به أمثُل مَثْلاً بفتح الميم وتسكين الثاء ، فإذا أردت أنك أقصصته من غيره ، قلت : أمَثْلته من صاحبه أُمْثِله إمثالاً ، وذلك إذا أقصصته منه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المَثُلاتُ : وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم .

وقوله : وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسّيّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ وهم مشركو العرب استعجلوا بالشرّ قبل الخير ، وقالوا : اللّهُمّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الحَقّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجَارَةً مِنَ السّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذابٍ ألِيمٍ .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسّيِئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةٍ قال : بالعقوبة قبل العافية . وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ المَثُلاتُ قال : العقوبات .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : المَثُلات قال : الأمثال .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . وحدثني المُثنَىّ قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ المَثُلاتُ قال : المَثُلات : الذي مَثّل الله في الأمم من العذاب الذي عذّبهم تولّت المَثُلات من العذاب ، قد خَلَت من قبلهم ، وعرفوا ذلك ، وانتهى إليهم ما مَثّل الله بهم حين عصَوه وعصَوا رسله .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سليم ، قال : سمعت الشعبيّ يقول في قوله : وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المَثُلاثُ قال : القِردَة والخنازير هي المثلات .

وقوله : وَإنّ رَبّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ للنّاسِ على ظُلْمِهِمْ يقول تعالى ذكره : وإن ربك يا محمد لذو ستر على ذنوب من تاب من ذنوبه من الناس ، فتارك فضيحَته بها في موقف القيامة ، وصافحٌ له عن عقابه عليها عاجلاً وآجلاً على ظلمهم . يقول : على فعلهم ما فعلوا من ذلك بغير إذن لهم بفعله . وَإنّ رَبّكَ لَشَدِيدُ العِقابِ لمن هلك مُصرّا على معاصيه في القيامة إن لم يُعَجّلِ له ذلك في الدنيا ، أو يجمعهما له في الدنيا والاَخرة . وهذا الكلام وإن كان ظاهُره ظاهرَ خير ، فإنه وعيد من الله وتهديد للمشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن هم لم ينيبوا ويتوبوا من كفرهم قبل حلول نقمة الله بهم .

حدثني عليّ بن داود ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : وَإنّ رَبّكَ لَذُو ومَغْفِرَةٍ للنّاسِ يقول : ولكن ربك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (6)

{ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } بالعقوبة قبل العافية ، وذلك لأنهم استعجلوا ما هددوا به من عذاب الدنيا استهزاء . { وقد خلت من قبلهم المثُلات } عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لم يعتبروا بهاو لم يجوزوا حلول مثلها عليهم ، والمثلة بفتح الثاء وضمها كالصَدُقَة والصُدْقَة ، العقوبة لأنها مثل المعاقب عليه ، ومنه المثال للقصاص وأمثلت الرجل من صاحبه إذا اقتصصته منه . وقرئ { المثلات } بالتخفيف و{ المثلات } بإتباع الفاء العين و{ المثلات } بالتخفيف بعد الإتباع ، و{ المثلات } بفتح الثاء على أنها جمع مثلة كركبة وركبات . { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } مع ظلمهم أنفسهم ، ومحله النصب على الحال والعامل فيه المغفرة والتقييد به دليل على جواز العفو قبل التوبة ، فإن التائب ليس على ظلمه ، ومن منع ذلك خص الظلم بالصغائر المكفرة لمجتنب الكبائر ، أو أول المغفرة بالستر والإمهال . { وإن ربك لشديد العقاب } للكفار أو لمن شاء ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأ أحد العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتكل على أحد " .