ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان يهددهم تارة بعذاب الآخرة وكانوا ينكرون البعث لذلك كما تقدم ، ويخوفهم تارة أخرى بعذاب الدنيا فيستعجلونه به زعماً منهم أنه كلام لا أصل له وإلى هذا أشير بقوله : { ويستعجلونك بالسيئة } بالعذاب والعقوبة التي تسوءهم . { قيل } تمام { الحسنة } وهي العافية والإحسان إليهم بالإهمال والتأخير { وقد خلت من قبلهم المثلات } أي عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لا يعتبرون بها ؟ وأصل هذا الحرف من المثل الذي هو الشبه لأن العقاب مماثل للمعاقب عليه ومنه " المثلة " بالضم والسكون لتقبيح الصورة بقطع الأنف والأذن وسمل العين ونحو ذلك ، وذلك أنه ليس تغييراً كلياً لا يماثل الصورة الأولى وإنما ذلك تغيير تبقى الصورة معه قبيحة . { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } قالت الأشاعرة : فيه دلالة على جواز العفو عن صاحب الكبيرة قبل التوبة لأن قوله : { على ظلمهم } حال منهم ، ومن المعلوم أن الإنسان حال اشتغاله بالظلم لا يكون تائباً لكن الآية دلت على أنه تعالى يغفر الذنوب قبل الاشتغال بالتوبة ترك العمل بها في حق الكافر فيبقى معمولاً بها في حق أهل الكبائر . لا يقال : إن المراد من هذه المغفرة تأخير العقاب إلى الآخرة ليقع جواباً عن استعجالهم . أو المراد غفران الصغائر لمجتنب الكبائر ، أو غفران الكبائر بشرط التوبة فإن تاب وإلا فهو شديد العقاب لأنا نقول : تأخير العقاب إلى الآخرة لا يسمى مغفرة وإلا كان غافراً للكفار . وأيضاً إنه تعالى مدح نفسه بهذا والتمدح إنما يحصل بالتفضل لا بأداء الواجب . وعندكم يجب غفران الصغائر لمن اجتنب الكبائر . وجواب الباقي ما مر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " قال أهل النظم : إن الكفار طعنوا في نبوته بسبب الطعن في الحشر والنشور ، ثم طعنوا في نبوّته بسبب استبطاء نزول العذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.