{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة } السيئة : العقوبة المهلكة ، والحسنة : العافية والسلامة . قالوا هذه المقالة لفرط إنكارهم وشدّة تصميمهم وتهالكهم على الكفر ؛ وقيل : معنى الآية : أنهم طلبوا العقوبة قبل الحسنة ، وهي الإيمان { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات } . قرأ الجمهور " مثُلات " بفتح الميم وضمّ المثلثة جمع مثلة كسمرة ، وهي العقوبة . قال ابن الأنباري : المثلة : العقوبة التي تبقى في المعاقب شيئا بتغيير بعض خلقه من قولهم : مثل فلان بفلان إذا شان خلقه بقطع أنفه وسمل عينيه وبقر بطنه . وقرأ الأعمش بفتح الميم وإسكان المثلثة تخفيفاً لثقل الضمة ، وفي لغة تميم بضم الميم والمثلثة جميعاً ، واحدتها على لغتهم : مُثلة ، بضم الميم وسكون المثلثة مثل غُرفة وغُرفات . وحكي عن الأعمش في رواية أخرى أنه قرأ هذا الحرف بضمها على لغة تميم . والمعنى : أن هؤلاء يستعجلونك بإنزال العقوبة بهم ، وقد مضت من قبلهم عقوبات أمثالهم من المكذبين ، فما لهم لا يعتبرون بهم ، ويحذرون من حلول ما حلّ بهم ، والجملة في محل نصب على الحال ، وهذا الاستعجال من هؤلاء هو على طريقة الاستهزاء كقولهم :
{ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ } [ الأنفال : 32 ] الآية . { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } أي : لذو تجاوز عظيم { لّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ } أنفسهم باقترافهم الذنوب ووقوعهم في المعاصي إن تابوا عن ذلك ، ورجعوا إلى الله سبحانه ، والجارّ والمجرور أي : " على ظلمهم " في محل نصب على الحال أي : حال كونهم ظالمين ، و«على » بمعنى : «مع » أي : مع ظلمهم ، وفي الآية بشارة عظيمة ورجاء كبير ؛ لأن من لمعلوم أن الإنسان حال اشتغاله بالظلم لا يكون تائباً ، ولهذا قيل : إنها في عصاة الموحدين خاصة . وقيل : المراد بالمغفرة هنا : تأخير العقاب إلى الآخرة ليطابق ما حكاه الله من استعجال الكفار للعقوبة . وكما تفيده الجملة المذكورة بعد هذه الآية . وهي { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العقاب } يعاقب العصاة المكذبين من الكافرين عقاباً شديداً على ما تقتضيه مشيئته في الدار الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.