الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةٖ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (6)

{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } يعني مشركي مكة { بِالسَّيِّئَةِ } بالبلاء والعقوبة { قَبْلَ الْحَسَنَةِ } الرخاء والعافية ، وذلك أنّهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جاءهم العذاب فاستهزأ منهم بذلك .

وقالوا :

{ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ } [ الأنفال : 32 ] الآية { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ } وقد مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها ، العقوبات المنكلات واحدتها : مَثُلة بفتح الميم وضم التاء مثل صدُقة وصدُقات .

وتميم : بضم التاء والميم جميعاً ، وواحدتها على لغتهم مُثْلَة بضم الميم وجزم الثاء مثل عُرُفة وعُرْفات والفعل منه مثلت به أمثل مثلا بفتح الميم وسكون الثاء .

{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ } .

أحمد بن منبه عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : ولما نزلت هذه الآية { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتّكل كل أحد " .