{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ( 6 ) }
{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ } نزل في استعجالهم العذاب استهزاء والسيئة العقوبة المهلكة ، والحسنة العافية والسلامة ، قالوا هذه المقالة لفرط إنكارهم وشدة تصميمهم .
{ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ } جمع مثلة كسمرة وهي العقوبة الفاضحة ، سميت بذلك لما بين العقاب والمعاقب عليه وهو الذنب من المماثلة في أن كلا منهما مذموم .
قال ابن الأنباري : المثلة العقوبة التي تبقى في المعاقب شيئا بتغيير بعض خلقه من قولهم مثل فلان بفلان إذا شان خلقه بقطع أنفه وسمل عينيه وبقر بطنه ، وقرئ بفتح الميم وإسكان الثاء تخفيفا لثقل الضمة ، قيل وهي لغة الحجاز ، وفي لغة تميم بضم الميم والثاء جميعا ، واحدتها على لغتهم مثلة ، مثل غرفة وغرفات ، وقرئ بفتحهما .
وقيل المثلة نقمة تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع غيره به . قال قتادة : المثلات العقوبات ، يعني وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم . وقال ابن عباس : المثلات ما أصاب القرون الماضية من العذاب ، والمعنى أن هؤلاء يستعجلونك بإنزال العقوبة بهم وقد مضت من قبلهم عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لا يعتبرون بهم ويحذرون من حلول ما حل بهم .
وهذا الاستعجال من هؤلاء هو على طريقة الاستهزاء كقولهم اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ } أي لذو تجاوز عظيم ، والمراد بها الإمهال وتأخير العذاب { لِّلنَّاسِ عَلَى } أي مع { ظُلْمِهِمْ } باقترافهم الذنوب ووقوعهم في المعاصي إن تابوا عن ذلك ورجعوا إلى الله سبحانه ، والجار والمجرور في محل نصب على الحال أي حال كونهم ظالمين .
وفي الآية بشارة عظيمة ورجاء كبير ، لأن من المعلوم أن الإنسان حال اشتغاله بالظلم لا يكون تائبا فيجور العفو قبل التوبة ولهذا قيل إنها في عصاة الموحدين خاصة .
وقيل المراد بالمغفرة هنا تأخير العقاب إلى الآخرة كما تقدم ليطابق ما حكاه الله من استعجال الكفار للعقوبة ، وكما يفيده قوله تعالى { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ } فيعاقب من يشاء من العصاة المكذبين من الكافرين عقابا شديدا على ما تقتضيه مشيئته في الدار الآخرة فتأخير ما استعجلوه ليس للإهمال .
عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتَّكل كل أحد ) {[988]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.