المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (143)

143- لقد كنتم تطلبون الموت في سبيل الله من قبل أن تشاهدوه وتعرفوا هوله ، فقد رأيتم الموت حين قتل إخوانكم بين أيديكم وأنتم تنظرون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (143)

قوله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه } . وذلك أن قوماً من المسلمين تمنوا يوماً كيوم بدر ليقاتلوا ويستشهدوا ، فأراهم الله يوم أحد ، وقوله ( تمنون الموت ) أي سبب الموت . وهو الجهاد . ( من قبل أن تلقوه ) .

قوله تعالى : { فقد رأيتموه } . يعني : أسبابه ( وأنتم تنظرون ) فإن قيل : ما معنى قوله ( وأنتم تنظرون ) بعد قوله ( فقد رأيتموه ) قيل : ذكره تأكيداً ، وقيل : الرؤية قد تكون بمعنى العلم ، فقال : ( وأنتم تنظرون ) ليعلم أن المراد بالرؤية النظر ، وقيل : معناه وأنتم تنظرون إلى محمد صلى الله عليه وسلم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (143)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }

يعني بقوله جلّ ثناؤه : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ } : ولقد كنتم يا معشر أصحاب محمد تمنون الموت يعني أسباب الموت وذلك القتال¹ { فقدْ رَأيتموه } فقد رأيتم ما كنتم تمنونه . والهاء في قوله «رأيتموه » ، عائدة على الموت ، ومعنى : { وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ } يعني : قد رأيتموه بمرأى منكم ومنظر : أي بقرب منكم . وكان بعض أهل العربية يزعم أنه قيل : { وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ } على وجه التوكيد للكلام ، كما يقال : رأيته عيانا ، ورأيته بعيني ، وسمعته بأذني¹ وإنما قيل : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ } لأن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يشهد بدرا ، كانوا يتمنون قبل أُحد يوما مثل يوم بدر ، فيِبلوا الله من أنفسهم خيرا ، وينالوا من الأجر مثل ما نال أهل بدر¹ فلما كان يوم أُحد فرّ بعضهم وصبر بعضهم ، حتى أوفى بما كان عاهد الله قبل ذلك ، فعاتب الله من فرّ منهم ، فقال : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ } . . . الاَية ، وأثنى على الصابرين منهم والموفين بعهدهم . ذكر الأخبار بما ذكرنا من ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ فقدْ رَأيْتُمُوهُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ } قال : غاب رجال عن بدر ، فكانوا يتمنون مثل يوم بدر أن يلقوه ، فيصيبوا من الخير والأجر مثل ما أصاب أهل بدر . فلما كان يوم أُحد ولى من ولى ، فعاتبهم الله أو فعابهم ، أو فعتبهم على ذلك ، شك أبو عاصم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه ، إلا أنه قال : فعاتبهم الله على ذلك ، ولم يشكّ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ فقدْ رَأيْتُمُوهُ وأنُتمْ تَنْظُرُونَ } : أناس من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الفضل والشرف والأجر ، فكانوا يتمنون أن يرزقوا قتالاً فيقاتلوا ، فسيق إليهم القتال حتى كان في ناحية المدينة يوم أُحد ، فقال الله عزّ وجلّ كما تسمعون : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ } حتى بلغ : { الشّاكِرِينَ } .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ } قال : كانوا يتمنون أن يلقوا المشركين فيقاتلوهم ، فلما لقوهم يوم أُحد ولّوا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : إن أناسا من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل ، فكانوا يتمنون أن يروا قتالاً فيقاتلوا ، فسيق إليهم القتال ، حتى كان بناحية المدينة يوم أُحد ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ } . . . الاَية .

حدثني محمد بن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، قال : بلغني أن رجالاً من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون : لئن لقينا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم لنفعلنّ ولنفعلنّ ! فابتلوا بذلك ، فلا والله ما كلهم صدق ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ فقدْ رَأيْتُمُوهُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ } .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : كان ناس من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يشهدوا بدرا ، فلما رأوا فضيلة أهل بدر ، قالوا : اللهمّ إنا نسألك أن ترينا يوما كيوم بدر ، نبليك فيه خيرا ! فرأوا أُحدا ، فقال لهم : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ فَقدْ رأيْتُمُوهُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ } .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رأيتُمُوهُ وأنتُمْ تَنْظُرُونَ } : أي لقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحقّ قبل أن تلقوا عدوكم ، يعني الذين حملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على خروجه بهم إلى عدوّهم لما فاتهم من الحضور في اليوم الذي كان قبله ببدر ، رغبة في الشهادة التي قد فاتتهم به يقول : { فقدْ رَأيْتُمُوهُ وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ } : أي الموت بالسيوف في أيدي الرجال ، قد حلّ بينكم وبينهم ، وأنتم تنظرون إليهم ، فصددتم عنهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (143)

{ ولقد كنتم تمنون الموت } أي الحرب فإنها من أسباب الموت ، أو الموت بالشهادة . والخطاب للذين لم يشهدوا بدرا وتمنوا أن يشهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا لينالوا ما نال شهداء بدر من الكرامة فألحوا يوم أحد على الخروج . { من قبل أن تلقوه } من قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدته . { فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } أي فقد رأيتموه معاينين له حين قتل دونكم من قتل من إخوانكم ، وهو توبيخ لهم على أنهم تمنوا الحرب وتسببوا لها ثم جبنوا وانهزموا عنها ، أو على تمني الشهادة فإن في تمنيها تمني غلبة الكفار .