الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (143)

أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس . أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون : ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد . أو ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ، ونبلي فيه خيرا ، ونلتمس الشهادة والجنة والحياة والرزق . فأشهدهم الله أحدا ، فلم يلبثوا إلا من شاء الله منهم فقال الله { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : غاب رجال عن بدر ، فكانوا يتمنون مثل بدر أن يلقوه فيصيبوا من الأجر والخير ما أصاب أهل بدر ، فلما كان يوم أحد ولى من ولى ، فعاتبهم الله على ذلك .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الربيع وقتادة قالا : أن أناسا من المؤمنين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل ، فكانوا يتمنون أن يروا قتالا فيقاتلوا ، فسيق إليهم القتال حتى إذا كان بناحية المدينة يوم أحد ، فأنزل الله { ولقد كنتم تمنون الموت . . . } الآية .

وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون : لئن لقينا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، لنفعلن ولنفعلن . . . . فابتلوا بذلك ، فلا والله ما كلهم صدق الله . فأنزل الله { ولقد كنتم تمنون الموت . . . } الآية .

وأخرج عن السدي قال : كان ناس من الصحابة لم يشهدوا بدرا ، فلما رأوا فصيلة أهل بدر قالوا : اللهم إنا نسألك أن ترينا يوما كيوم بدر ، نبليك فيه خيرا . فرأوا أحدا فقال لهم { ولقد كنتم تمنون الموت . . . } الآية . والله أعلم .