تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ} (143)

الآية 143 وقوله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه } قيل فيه بوجهين : قيل قوله عز وجل { تمنون } ما فيه الموت وهو القتال وقيل : { تمنون الموت } نفس الموت ثم يحتمل وجوها : يحتمل : يتمنون إشفاقا على دينهم الإسلام لئلا يخرجوا من الدنيا على غير دينهم الذي هم{[4470]} عليه ويحتمل أن يكونوا تمنوا الموت لينجوا ويتخلصوا من تعذيب الكفار إياهم وتعييرهم على ما قيل إن أهل مكة كانوا يعذبونهم فطلبوا{[4471]} النجاة منهم والخلاص والله أعلم وقيل : يتمنون الموت أي يتمنون الشهادة لما سمعوا لها من عظيم الثواب وجزيل الأجر تمنوا أن يكونوا شهداء لله عز وجل أحياء عند ربهم والله أعلم . وقيل في قوله عز وجل : { تمنون الموت } وذلك حين أخبر الله عز وجل عن قتلى بدر وما هم فيه من الخير فتمنوا يوما مثل يوم بدر{[4472]} فأراهم الله يوم أحد ، فانهزموا ، فعوتبوا بذلك : { تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه } يعني يوم أحد{[4473]} .

وقوله تعالى : { فقد رأيتموه } يحتمل أيضا وجوها : يحتمل فقد رأيتم أسباب الموت وأهواله ويحتمل فقد رأيتهم أصحابكم الذين قتلوا بين أيديكم على تأويل من صرف قوله عز وجل { تمنون الموت } على القتال ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وأنتم تنظرون } يحتمل { وأنتم تنظرون } إلى الموت يعني إلى موت أصحابكم أو إلى القتال ويحتمل { وأنتم تنظرون } أي تعلمون أنكم { كنتم تمنون الموت } والله أعلم .


[4470]:في الأصل و م: هو.
[4471]:وفي الأصل و م: طلبوا.
[4472]:في الأصل و م: البدر.
[4473]:ساقطة من م.