أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ} (11)

{ ما كذب الفؤاد ما رأى } ما رأى ببصره من صورة جبريل عليه السلام أو الله تعالى ، أي ما كذب بصره بما حكاه له فإن الأمور القدسية تدرك أولا بالقلب ثم تنتقل منه إلى البصر ، أو ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ولو قال ذلك كان كاذبا لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره ، أو ما رآه بقلبه والمعنى أنه لم يكن تخيلا كاذبا . ويدل عليه " أنه صلى الله عليه وسلم سئل هل رأيت ربك ؟ فقال رأيته بفؤادي " . وقرأ هشام ما كذب أي صدقه ولم يشك فيه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ} (11)

الأظهر أن هذا ردّ لتكذيب من المشركين فيما بلغهم من الخبر عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الملَك جبريل وهو الذي يؤذن به قوله بعد : { أفتمارونه على ما يرى } .

واللام في قوله : { الفؤاد } عوض عن المضاف إليه ، أي فؤاده وعليه فيكون تفريع الاستفهام في قوله : { أفتمارونه على ما يرى } استفهاماً إنكارياً لأنهم مَارَوْه .

ويجوز أن يكون قوله : { ما كذب الفؤاد ما رأى } تأكيداً لمضمون قوله : { فكان قاب قوسين } [ النجم : 9 ] فإنه يؤذن بأنه بمرأى من النبي صلى الله عليه وسلم لرفع احتمال المجاز في تشبيه القرب ، أي هو قرب حسي وليس مجرد اتصال رُوحاني فيكون الاستفهام في قوله : { أفتمارونه على ما يرى } مستعملاً في الفرض والتقدير ، أي أفستكذبونه فيما يرى بعينيه كما كذبتموه فيما بلغكم عن الله ، كما يقول قائل : « أتحسبني غافلاً » وقول عمر بن الخطاب للعباس وعليّ في قضيتهما « أتحاولان مني قضاءً غير ذلك » .

وقرأ الجمهور { ما كذب } بتخفيف الذال ، وقرأه هشام عن ابن عامر وأبو جعفر بتشديد الذال ، والفاعل والمفعول على حالهما كما في قراءة الجمهور .

والفؤاد : العقل في كلام العرب قال تعالى : { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً } [ القصص : 10 ] .

والكذب : أطلق على التخييل والتلبيس من الحواس كما يقال : كذبته عينه .

و { ما } موصولة ، والرابط محذوف ، وهو ضمير عائد إلى { عبده } في قوله : { فأوحى إلى عبده } [ النجم : 10 ] أي ما رآه عبده ببصره .