{ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } قرأ الحسن وأبو جعفر ( والحجدري ) وقتادة ( كذّب ) بتشديد الذال ، أي : ما كذّب قلب محمد ما رآى بعينه تلك الليلة ، بل صدّقه وحقّقه ، وقرأ الباقون بالتخفيف ، أي ما كذب فؤاد محمد محمداً الذي رآى بل صدّقه ، ومجاز الآية : ما كذب الفؤاد فيما رأى ، فأسقط الصفة ، كقول الشاعر :
لو كنت صادقة الذي حدثتني *** لنجوت منجى الحارث بن هشام
أي : في التي حدّثتني ، وقال بندار بن الحسن : الفؤاد وعاء القلب فيما ارتاب الفؤاد فيما أرى الأصل وهو القلب .
واختلفوا في الذي رآه . فقال قوم : رأى جبريل ، وإليه ذهب ابن مسعود ، وقال آخرون : هو الله سبحانه ، ثم اختلفوا في معنى الرؤية ، فقال بعضهم : جعل بصرهُ في فؤاده ، فرآه في فؤاده ولم يره بعينه ، وقال قوم : بل رآه بعينه .
ذكر من قال : إنّه رآه بعينه أخبرني الحسن بن الحسين قال : حدّثنا الفضل بن الفضل ، قال : حدّثنا أبو يعلى محمد بن زهير الإبلي ، قال : حدّثنا بن نحويه ، قال : حدّثنا سلمة ، قال : حدّثنا عبدالرزاق ، قال : حدّثنا ابن التيمي عن المبرك بن فضالة ، قال : كان الحسن يحلف بالله عز وجل لقد رأى محمد ربّه .
وانبأني عقيل بن محمد قال : أخبرنا المعافي بن زكريا قال : حدّثنا محمد بن جرير قال : حدّثنا ابن حميد قال : حدّثنا مهران عن سفيان عن أبي إسحاق عمّن سمع ابن عباس يقول : { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } قال : رأى محمد ربّه .
وبإسناده عن ابن حميد قال : حدّثنا يحيى بن واضح قال : حدّثنا عيسى بن عبيد سمعت عكرمة و[ قد ] سئل : هل رأى محمد ربّه ؟ فقال : نعم ، قد رأى ربّه .
وبه عن ابن حميد قال : حدّثنا حكام عن أبي جعفر عن الربيع { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } قال : رأى ربّه عز وجل .
أخبرنا أبو عبيد الله الحسين بن محمد الحافظ بقراءتي عليه في داري قال : حدّثنا موسى ابن محمد بن علي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن زهير ، قال : حدّثنا مكي بن إبراهيم ، قال : حدّثنا موسى بن عبيده عن محمد بن كعب قال : " قال بعض أصحاب رسول الله : يا رسول الله ، أرأيت ربّك ؟ قال : " رأيته مرّتين ، بفؤادي ولم أره بعيني " ثم تلا هذه الآية { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } ومثله روي عن ابن الحنفية عن أبيه ، وأبو العالية عن ابن عباس .
وأخبرني الحسن ، قال : حدّثنا أبو القاسم عن بن محمد بن عبد الله بن حاتم الترمذي ، قال : حدّثنا جدي لأمي محمد بن عبدالله بن مرزوق ، قال : حدّثنا عفان بن مسلم قال : " حدّثنا همان بن عبد الله بن شفيق قال : قلت لأبي ذر : لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته ، قال : وعما كنت تسأله ؟ قلت : كنت أسأله : هل رأى ربّه عز وجل ؟ قال : فإني قد سألته فقال : " قد رأيت نوراً ، أنى أراه ؟ " " .
وكذلك روي عن أبي سعيد الخدري أنّه قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } قال : " رأيت نوراً "
، ومثله روى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس .
وقد ورد في هذا الباب حديث جامع وهو ما أخبرني الحسين بن الحسن ، قال : حدّثنا ابن حبش ، قال : أخبرنا علي بن زنجويه ، قال : حدّثنا سلمة بن عبدالرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة عن مجالد عن سعيد عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال : اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس : أمّا نحن بنو هاشم فنقول : إنّ محمداً رأى ربّه مرتين ، وقال ابن عباس يحبّون أن تكون الخِلّة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد . قال : فكبّر كعب حتى جاوبته الجبال ، ثم قال : إن الله سبحانه قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى عليه السلام ، فكلّمه موسى ورآه محمد .
قال مجالد : وقال الشعبي : فأخبرني مسروق أنّه قال لعائشة رضي الله عنها : يا أمتاه ، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربّه تعالى قط ؟ ، قالت : إنك لتقول قولاً ، إنّه ليقف منه شعري ، قال : قلت : رويداً فقرأت عليها : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } حتى { قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى } . فقالت : رويداً ، أين يُذهب بك ؟ إنّما رأى جبريل في صورته . من حدّثك أن محمداً رأى ربّه فقد كذب ، والله عز وجل يقول :
{ لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ } [ الأنعام : 103 ] ، ومن حدّثك أنّه يعلم الخمس من الغيب فقد كذب ، والله سبحانه يقول :
{ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } [ لقمان : 34 ] الآية ، ومن حدّثك أنّ محمداً كتم شيئاً من الوحي فقد كذب ، والله عز وجلّ يقول :
{ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } [ المائدة : 67 ] الآية .
قال عبدالرزاق : فذكرت هذا الحديث لعمر ، فقال : ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.