النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ} (11)

{ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } في الفؤاد قولان :

أحدهما : أنه أراد صاحب الفؤاد فعبر عنه بالفؤاد لأنه قطب الجسد وقوام الحياة .

الثاني : أنه أرد نفس الفؤاد لأنه محل الاعتقاد وفيه قولان :

أحدهما : معناه ما أوهمه فؤداه ما هو بخلافه كتوهم السراب ماء ، فيصير فؤاده بتوهم المحال كالكاذب له ، وهو تأويل من قرأ { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ } بالتخفيف .

الثاني : معناه ما أنكر قلبه ما رأته عينه ، وهو تأويل من قرأ { كَذَّبَ } بالتشديد .

وفي الذي رأى خمسة أقاويل :

أحدها : رأى ربه بعينه ، قاله ابن عباس .

الثاني : في المنام ، قاله السدي .

الثالث : أنه بقلبه روى محمد بن كعب قال : قلنا يا رسول الله [ هل رأيت ربك ] ؟ قال : " رَأَيْتُهُ بِفُؤَادِي مَرَّتَيْنِ{[2795]} " ثم قرأ : { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } .

الرابع : أنه رأى جلاله ، قاله الحسن ، وروى أبو العالية قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم [ هل رأيت ربك ] ؟ قال : " رَأَيتُ نَهْرَاً وَرَأَيتُ وَرَاءَ النَّهْرِ حجَاباً ورَأَيتُ وَرَاءَ الحِجَابِ نُوراً لَمْ أَرَ غَيْرَ ذَلِكَ " .

الخامس : أنه رأى جبريل على صورته مرتين{[2796]} ، قاله ابن مسعود .


[2795]:رواه مسلم في الإيمان رقم 176، والترمذي في تفسير سورة النجم أنظر جامع الأصول 2/ 369.
[2796]:رواه البخاري في تفسير سورة النجم، ومسلم في الإيمان رقم 177. نفس المرجع.