لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{مَا كَذَبَ ٱلۡفُؤَادُ مَا رَأَىٰٓ} (11)

قوله عز وجل : { ما كذب الفؤاد } قرئ بالتشديد أي ما كذب محمد صلى الله عليه وسلم { ما رأى } أي بعينه تلك الليلة بل صدقه وحققه وقرئ بالتخفيف أي ما كذب فؤاد محمد الذي رآه بل صدقه والمعنى : ما كذب الفؤاد فيما رأى .

واختلفوا في الذي رآه ، فقيل : رأى جبريل وهو قول ابن عباس وابن مسعود وعائشة وقيل : هو الله عز وجل ثم اختلفوا في معنى الرؤية فقيل جعل بصره في فؤاده وهو قول ابن عباس ( م ) . عن ابن عباس ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآه نزلة أخرى قال : رآه بفؤاده مرتين وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه حقيقة وهو قول أنس بن مالك والحسن وعكرمة قالوا : رأى محمد ربه عز وجل . وروى عكرمة عن ابن عباس ، قال : إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم بالخلة ، واصطفى موسى بالكلام ، واصطفى محمداً بالرؤية . وقال كعب : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين أخرجه الترمذي بأطول من هذا . وكانت عائشة تقول : لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه . وتحمل الآية على رؤية جبريل .

عن مسروق قال : قلت لعائشة : يا أماه هل رأى محمد ربه ؟ فقالت : لقد قف شعري مما قلت أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب . من حدثك أن محمداً رأى ربه فقد كذب ثم قرأت : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، وما كان لبشر أن يكلمه إلا الله وحياً أو من وراء حجاب . ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب . ثم قرأت : وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت ومن حدثك أن محمداً كتم أمراً فقد كذب ثم قرأت يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين . أخرجاه في الصحيحين ( م ) " عن أبي ذر قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ قال : نور أني أراه " .