المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

54- والله هو الذي خلق من النطفة هؤلاء الناس ، وجعلهم ذكوراً وإناثاً ذوي قرابات بالنسب أو المصاهرة ، وكان الله قديراً على ما يريد إذ خلق من النطفة الواحدة نوعين متمايزين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

{ وهو الذي خلق من الماء بشرا } يعني الذي خمر به طينة آدم ، أو جعله جزءا من مادة البشر لتجتمع لتبشر وتسلس وتقبل الأشكال والهيئات بسهولة ، أو النطفة . { فجعله نسبا وصهرا } أي قسمه قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينسب إليهم ، وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهن كقوله تعالى : { فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى } . { وكان ربك قديرا } حيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا أعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين ، وربما يخلق من نطفة واحدة توأمين ذكرا وأنثى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

وقوله تعالى : { وهو الذي خلق من الماء } الآية ، هو تعديد النعمة على الناس في إيجادهم بعد العدم ، والتنبيه على العبرة في ذلك وتعديد النعمة في التواشج الذي جعل بينهم من النسب والصهر ، وقوله { من الماء } إما أن يريد أصل الخلقة في أن كل حي مخلوق من الماء ، وإما أن يريد نطف الرجال وكل ذلك قالته فرقة ، والأول أفصح وأبين ، و «النسب والصهر » معنيان يعمان كل قربى تكون بين كل آدميين ، ف «النسب » هو أن يجتمع إنسان مع آخر في أب أو في أم قرب ذلك أو بعد ، و «الصهر » تواشج المناكحة ، فقرابة الزوجة هم الأختان{[8850]} ، وقرابة الزوج ثم الأحماء{[8851]} والأصهار يقع عاماً لذلك كله ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه «النسب » ما لا يحل نكاحه «والصهر » ما يحل نكاحه وقال الضحاك «الصهر » قرابة الرضاع .

قال القاضي أبو محمد : وذلك عندي وهم أوجبه أن ابن عباس قال حرم من النسب سبع ومن الصهر خمس ، وفي رواية أخرى من الصهر سبع يريد قول الله تعالى : { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت } [ النساء : 23 ] ، فهذا هو من النسب . ثم يريد ب «الصهر » قوله تعالى : { وأمهاتكم التي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم التي في حجوركم من نسائكم التي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف }{[8852]} [ النساء : 23 ] ، ثم ذكر المحصنات ، ومجمل هذا أن ابن عباس أراد حرم من الصهر مع ما ذكر معه فقصد مما ذكر إلى عظمه وهو الصهر{[8853]} لأن الرضاع صهر وإنما الرضاع عديل النسب يحرم منه ما يحرم من النسب بحكم الحديث المأثور فيه ، ومن روى وحرم من الصهر خمس أسقط من الآية الجمع بين الأختين والمحصنات وهن ذواتي الأزواج{[8854]} ، وحكى الزهراوي قولاً أن «النسب » من جهة البنين «والصهر » من جهة البنات .

قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا حسن وهو في درج ما قدمته ، وقال ابن سيرين نزلت هذه الآية في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي لأنه جمعه معه نسب وصهر فاجتماعهما وكاد حرمة إلى يوم القيامة . وقوله { وكان ربك قديراً } هي { كان } التي للدوام قبل وبعد لا أنها تعطي مضياً فقط .


[8850]:قال ابن الأعرابي: الأختان: أبو المرأة وأخوها وعمها، كما قال الأصمعي، والصهر: زوج ابنة الرجل وأخوه وأبوه وعمه، وقال محمد بن الحسن: أختان الرجل: أزواج بناته وأخواته وعماته وخالاته، وكل ذات محرم منه، وأصهاره: كل ذي رحم محرم من زوجته.
[8851]:في المعجم الوسيط: حما المرأة: أبو زوجها ومن كان من قبله من الرجال، وحما الرجل: أبو امرأته ومن كان من قبله من الرجال، والجمع: أحماء.
[8852]:الآية 23 من سورة النساء.
[8853]:في الأصل: "وهو القصد" والتصويب عن القرطبي، فقد نقل العبارة كلها عن ابن عطية.
[8854]:قال القرطبي بعد أن نقل كلام ابن عطية: "فابن عطية جعل الرضاع مع ما تقدم نسبا، وهو قول الزجاج".