اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

قوله تعالى : { وَهُوَ الذي خَلَقَ مِنَ الماء بَشَراً } الآية .

هذا نوع خامس ، وفي هذا الماء قولان :

أحدهما : أنه النطفة ، والثاني : أنه الماء الذي تسقى به الأرض فيتولد منه{[36433]} الأغذية ، ويتولد من الأغذية النطفة ، كما تقدم في قوله : { وَجَعَلْنَا{[36434]} مِنَ الماء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }{[36435]} [ الأنبياء : 30 ] .

قوله : «مِنَ المَاءِ » يجوز أن يكون متعلقاً{[36436]} ب «خَلَقَ » وأن يتعلق بمحذوف حالاً من ماء ، و «مِنْ » لابتداء الغاية ، أو للتبعيض .

قوله : { فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } أي : جعله ذا نسب وصهر قال الخليل : لا يقال لأهل بيت المرأة إلا أصهار{[36437]} ، ولا لأهل بيت الرجل إلا أختان . قال : ومن العرب من يطلق الأصهار على الجميع{[36438]} . وهذا هو الغالب .

وقيل : النسب ما لا يحل نكاحه ، والصهر ما يحل نكاحه ، والنسب ما يوجب الحرمة ، والصهر ما لا يوجبها . والصحيح أن النسب من القرابة والصهر الخلطة التي تشبه القرابة وهو النسب المحرم للنكاح{[36439]} ، وقد تقدم أن الله تعالى حرم بالنسب سبعاً وبالسبب سبعاً في قوله عز وجل : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ }{[36440]} [ النساء : 23 ] { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } حيث خلق من النطفة نوعين من البشر الذكر{[36441]} والأنثى{[36442]} .


[36433]:في ب: منها.
[36434]:في ب: وخلقنا.
[36435]:[الأنبياء: 30]. وانظر الفخر الرازي 24/101.
[36436]:في ب: يتعلق.
[36437]:في ب: إلا وأصهار.
[36438]:انظر معجم العين (هصر) 3/411، (ختن) 4/238.
[36439]:انظر البغوي 6/186.
[36440]:[النساء: 23]. انظر البغوي 6/186. واللسان (صهر).
[36441]:في ب: والذكر. وهو تحريف.
[36442]:انظر الفخر الرازي 24/101.