تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

[ الآية54 ] وقوله تعالى : { وهو الذي خلق من الماء بشرا } أي من النطفة . يخبر عن فضله ومننه وقدرته ولطفه .

[ أما لطفه وقدرته ففي ]{[14509]} خلق البشر من النطفة ، ولو اجتمع جميع حكماء البشر على أن يعرفوا ، ويدركوا كيفيته ، لم يقدروا على ذلك . دل أنه قادر بذاته لطيف ، لا يعجزه شيء .

وأما فضله ومننه فما{[14510]} أخبر أنه جعل لهم نسبا وصهرا . أما النسب ففيه{[14511]} يتعارفون ، ويتواصلون ، وما لولا ذلك ما تعارفوا ، ولا تواصلوا . وأما الصهر فلما به يتزاوجون ، ويتوالدون ، كقوله : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } [ النحل : 72 ] وقوله{[14512]} { وجعل بينكم مودة ورحمة } [ الروم : 21 ] يذكر فضله ومننه ليستأدي به شكره ليعلم أن مثل هذا لا يخرج عبثا باطلا بلا محنة ولا عاقبة .

وكان النسب مما لا يجري بينهم التناكح والتزاوج ، والصهر ما يحل بينهم التناكح والتزاوج .

وفي حرف حفصة : وهو الذي خلق من الماء نسبا وصهرا .

قال أبو معاذ : الصهر الفتى وآله ، والختن أبو المرأة ، والختنة أم المرأة والأختان المرأة وأهلها ، والأصهار آل الفتى وأهله .

وقال أبو عوسجة : { وصهرا } من المصاهرة ، وكلهم أصهار من الجانبين جميعا . والمعروف عندنا أنه إنما تسمى قرابة أختانا ، وقرابة المرأة أصهارا ، وذلك لسان ؛ فهو على ما تعارفوه بينهم ، والله أعلم .


[14509]:- في الأصل: وقدته حيث، في م: أما لطفه وقدرته حيث.
[14510]:- الفاء ساقطة من الأصل وم.
[14511]:- الفاء ساقطة من الأصل وم.
[14512]:- في الأصل وم: وقال.