ثم ذكر سبحانه حالة من أحوال خلق الإنسان من الماء فقال :
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا } أي خلق من ماء النطفة إنسانا ، وقيل المراد بالماء ، الماء المطلق الذي يراد في قوله { وجعلنا من الماء كل شيء حي } . وقيل هو الماء الذي خمرت به طينة آدم عليه السلام وجعله جزءا من مادة البشر ، ليجتمع ، ويتسلسل ، ويستعد لقبول الأشكال والهيئات بسهولة ، قاله أبو السعود .
{ فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } أي جعله ذا نسب وصهر ، قيل المراد بالنسب هو الذي لا يحل نكاحه ، والصهر ما يحل نكاحه قاله الفراء والزجاج ، واشتقاق الصهر من صهرت الشيء إذا خلطته وسميت المناكح صهرا لاختلاط الناس بها وقيل الصهر قرابة النكاح فقرابة الزوجة هم الأختان ، وقرابة الزوج هم الأحماء ، والأصهار تعمهما . قاله الأصمعي .
وفي القاموس الصهر بالكسر ، القرابة والخنن وجمعه أصهار . وفي المصباح قال الخليل : الصهر أهل بيت المرأة قال : ومن العرب من يجعل الأحماء والأختان جميعا أصهارا . وقال الأزهري : الصهر يشتمل على قرابات النساء ، ذوي المحارم كالأبوين ، والإخوة وأولادهم والأعمام والأخوال والخالات فهؤلاء أصهار زوج المرأة ، ومن كان من قبل الزوج من ذوي قرابته المحارم فهم أصهار المرأة أيضا .
وقال ابن السكيت : كل من كان من قبل الزوج من أبيه أو أخيه أو عمه ، فهم الأحماء ومن كان من قبل المرأة فهم الأختان ويجمع الصنفين الأصهار وصاهرت لهم وإليهم وفيهم صهرت لهم صهرا انتهى . وفي القرطبي : النسب والصهر معنيان يعمان كل قربى تكون بين آدميين ، قال الواحدي : قال المفسرون : النسب سبعة أصناف من القرابة يجمعهما قوله : { حرمت عليكم أمهاتكم } إلى قوله { وأمهات نسائكم } ومن هنا إلى قوله { وأن تجمعوا بين الأختين } تحريم بالصهر وهو الخلطة التي تشبه القرابة وهو النسب المحرم للنكاح ، وقد حرم الله سبعة أصناف من النسب وسبعة من جهة الصهر أي السبب ، قد اشتملت الآية المذكورة على ستة منها والسابعة قوله { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } وقد جعل ابن عطية والزجاج وغيرهما الرضاع من جملة النسب ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " {[1325]} .
أراد سبحانه تقسيم البشر قسمين ذوي النسب أي ذكورا ينسب إليهم ، فيقال فلان بن فلان وفلانة بنت فلان وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهن ، كقوله تعالى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى . وسئل عمر بن الخطاب عن نسب وصهر فقال : ما أراكم إلا وقد عرفتم النسب وأما الصهر فالأختان ، والصحابة .
{ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا } أي بليغ القدرة عظيمها ، ومن جملة قدرته الباهرة خلق الإنسان من النطفة الواحدة وتقسيمه إل القسمين المذكورين ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.