لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

الخَلْقُ متشاكلون في أصل الخِلْقة ، متماثلون في الجوهرية ، متباينون في الصفة ، مختلفون في الصورة ؛ فنفوسُ الأعداء مطاياهم تسوقهم إلى النار ، ونفوس المؤمنين مطاياهم تحملهم إلى الجنة . والخلْقُ بَشَرٌ . . ولكن ليس كلُّ بَشَرٍ كبشر ؛ واحدٌ عدوٌّ لا يسعى إلا من مخالفته ، ولا يعيش إلا بنصيبه وحظِّه ، ولا يحتمل الرياضة ولا يرتقي عن حدِّ الوقاحة والخساسة ، وواحدٌ وليٌّ لا يَفْتَرُ عن طاعته ، ولا يَنْزِل عن هِمَّتِه ، فهو في سماء تعززه بمعبوده .

وبينهما للناس مناهل ومشارب ؛ فواحِدٌ يكون كما قال : { ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا } .