{ وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } كلفه بأوامر ونواه ، والابتلاء في الأصل التكليف بالأمر الشاق من البلاء ، لكنه لما استلزم الاختبار بالنسبة إلى من يجهل العواقب ظن ترادفهما ، والضمير لإبراهيم ، وحسن لتقدمه لفظا وإن تأخر رتبة ، لأن الشرط أحد التقدمين ، والكلمات قد تطلق على المعاني فلذلك فسرت بالخصال الثلاثين المحمودة المذكورة في قوله تعالى : { التائبون العابدون } الآية وقوله تعالى : { إن المسلمين والمسلمات } إلى آخر الآية ، وقوله : { قد أفلح المؤمنون } إلى قوله : { أولئك هم الوارثون } كما فسرت بها في قوله { فتلقى آدم من ربه كلمات } وبالعشر التي هي من سننه ، وبمناسك الحج ؛ وبالكواكب ، والقمرين ، والختان ، وذبح الولد ، والنار ، والهجرة . على أنه تعالى عامله بها معاملة المختبر بهن وبما تضمنته الآيات التي بعدها . وقرئ إبراهيم ربه على أنه دعا ربه بكلمات مثل { أرني كيف تحيي الموتى } . { واجعل هذا البلد آمنا } ليرى هل يجيبه . وقرأ ابن عامر إبراهام بالألف جميع ما في هذه السورة . { فأتمهن } فأداهن كملا وقام بهن حق القيام ، لقوله تعالى : { وإبراهيم الذي وفى } وفي القراءة الأخيرة الضمير لربه ، أي أعطاه جميع ما دعاه . { قال إني جاعلك للناس إماما } استئناف إن أضمرت ناصب إذ كأنه قيل : فماذا قال ربه حين أتمهن فأجيب بذلك . أو بيان لقوله ابتلى فتكون الكلمات ما ذكره من الإمامة ، وتطهير البيت ، ورفع قواعده ، والإسلام وإن نصبته يقال فالمجموع جملة معطوفة على ما قبلها ، أو جاعل من جعل الذي له مفعولان ، والإمام اسم لمن يؤتم به وإمامته عامة مؤبدة ، إذ لم يبعث بعده نبي إلا كان من ذريته مأمورا باتباعه . { قال ومن ذريتي } عطف على الكاف أي وبعض ذريتي ، كما تقول : وزيدا ، في جواب : سأكرمك ، والذرية نسل الرجل ، فعلية أو فعولة قلبت راؤها الثانية ياء كما في تقضيت . من الذر بمعنى التفريق ، أو فعولة أو فعيلة قلبت همزتها من الذرة بمعنى الخلق . وقرئ ذريتي بالكسر وهي لغة . { قال لا ينال عهدي الظالمين } إجابة إلى ملتمسه ، وتنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة ، وأنهم لا ينالون الإمامة لأنها أمانة من الله تعالى وعهد ، والظالم لا يصلح لها ، وإنما ينالها البررة الأتقياء ، منهم . وفيه دليل على عصمة الأنبياء من الكبائر قبل البعثة ، وأن الفاسق لا يصلح للإمامة . وقرئ " الظالمون " والمعنى واحد إذ كل ما نالك فقد نلته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.