{ وَإِذْ } أي واذكر إذ { ابتلى إبراهيم رَبُّهُ بكلمات } اختبره بأوامر ونواه . والاختبار منا لظهور ما لم نعلم ، ومن الله لإظهار ما قد علم ، وعاقبة الابتلاء ظهور الأمر الخفي في الشاهد والغائب جميعاً فلذا تجوز إضافته إلى الله تعالى . وقيل : اختبار الله عبده مجاز عن تمكينه من اختيار أحد الأمرين ما يريد الله تعالى وما يشتهيه العبد كأنه يمتحنه ما يكون منه حتى يجازيه على حسب ذلك . وقرأ أبو حنيفة رضي الله عنه : «إبراهيمُ ربه » ، يرفع إبراهيم وهي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما ، أي دعاه بكلمات من الدعاء فعل المختبر هل يجيبه إليهن أم لا . { فَأَتَمَّهُنَّ } أي قام بهن حق القيام وأدّاهن أحسن التأدية من غير تفريط وتوانٍ ونحوه { وإبراهيم الذى وفى } [ النجم : 37 ] ومعناه في قراءة أبي حنيفة رحمه الله فأعطاه ما طلبه لم ينقص منه شيئاً . والكلمات على هذا ما سأل إبراهيم ربه في قوله : { رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا } [ البقرة : 126 ] . { واجعلنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ } [ البقرة : 128 ] . { وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ } [ البقرة : 129 ] . { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا } [ البقرة : 127 ] . والكلمات على القراءة المشهورة خمس في الرأس : الفرق وقص الشارب والسواك والمضمضة والاستنشاق . وخمس في الجسد : الختان وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والاستنجاء . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي ثلاثون سهماً من الشرائع : عشر في براءة { التائبون } [ الآية : 12 ] ، الآية وعشر في الأحزاب { إِنَّ المسلمين والمسلمات } [ الأحزاب : 35 ] الآية ، وعشر في «المؤمنين » و«المعارج » إلى قوله { يُحَافِظُونَ } وقيل : هي مناسك الحج { قَالَ إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا } هو اسم من يؤتم به أي يأتمون بك في دينهم .
{ قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى } أي واجعل من ذريتي إماماً يقتدى به . ذرية الرجل أولاده ذكورهم وإناثهم فيه سواء . فعيلة من الذرء أي الخلق فأبدلت الهمزة ياء . { قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين } بسكون الياء : حمزة وحفص أي لا تصيب الإمامة أهل الظلم من ولدك أي أهل الكفر . أخبر أن إمامة المسلمين لا تثبت لأهل الكفر وأن من أولاده المسلمين والكافرين قال الله تعالى : { وباركنا عَلَيْهِ وعلى إسحاق وَمِن ذُرّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وظالم لّنَفْسِهِ مُبِينٌ } [ الصافات : 113 ] . والمحسن المؤمن والظالم الكافر . قالت المعتزلة : هذا دليل على أن الفاسق ليس بأهل للإمامة قالوا : وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة والإمام إنما هو لكف الظلمة فإذا نصب من كان ظالماً في نفسه فقد جاء المثل السائر «من استرعى الذئب ظلم » . ولكنا نقول : المراد بالظالم الكافر هنا إذ هو الظالم المطلق . وقيل : إنه سأل أن يكون ولده نبياً كما كان هو فأخبر أن الظالم لا يكون نبيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.